أخبار الدارسلايدر

من نريد في البيت الأبيض.. ترامب أم بايدن؟

الدار/ تحليل

من المؤكد أن الولاية الرئاسية التي قادها دونالد ترامب كانت من أزهى عصور العلاقات المغربية الأميركية الممتدة. لقد كان الرئيس المثير للجدل صريحا عندما اعترف هو أيضا بأهمية المغرب التاريخية باعتباره أول دولة تعترف باستقلال الولايات المتحدة الأميركية. الرئيس الحالي جو بايدن أقرّ بذلك في مناسبة سابقة عندما كان دبلوماسيا. لكن في عهد ترامب شهدت العلاقات مع واشنطن تطورا نوعيا كان من أهم مظاهره الاعتراف الأميركي الرسمي بمغربية الصحراء. وكلّنا نتذكر الصورة التاريخية لدونالد ترامب في مكتبه وهو يوقع صك الاعتراف علنا أمام وسائل الإعلام. لذا قد يتساءل البعض مَنِ الأفضل بالنسبة إلى المغرب والمغاربة ومصلحة بلادنا؟
هل من الأفضل لنا أن يسكن ترامب أو بايدن البيت الأبيض؟ المقارنة بين الرجلين تستدعي المقارنة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي. يمثل الحزب الأول التيار اليميني المحافظ في الولايات المتحدة بينما يمثل الحزب الثاني الجناح التقدمي المحسوب تاريخيا على اليسار. مع العلم أن الخصوصية الأميركية فيما يتعلق بالحساسية من الاشتراكية والشيوعية كانت تفرض نفسها باستمرار. تاريخيا كان المغرب بلدا يميل باستمرار إلى التفاهم مع التيارات الغربية المحافظة، سواء في فرنسا أو إسبانيا أو أوربا عموماً. وكانت الأحزاب اليسارية على سبيل المثال في سنوات السبعينيات والثمانينيات مصدر قلق للدولة المغربية بحكم مواقفها التي كانت دائما متحيزة ضد المغرب.
لكن الأمر كان مختلفا تماما في الولايات المتحدة الأميركية. لم يكن هناك أيّ حساسية من تولي قادة الحزب الجمهوري أو الديمقراطي على حد سواء. وقد كان مردّ هذا الأمر الطابع الاستراتيجي للعلاقات بين المغرب والولايات المتحدة منذ بدايتها. لا يمكن أن ننسى أن الملك الراحل الحسن الثاني زار الولايات المتحدة وهو شاب وحظي باستقبال الرئيس الديمقراطي جون كينيدي في عز الحرب الباردة وأحداثها التي هزت العالم. منذ ذلك الحين والولايات المتحدة ترى في المغرب بلدا حليفا وصديقا لا يمكن التفريط فيه أو الاستغناء عنه. وكانت واشنطن تشيد باستمرار بدور الملك الراحل الحسن الثاني في المشاركة في بلورة عمليات السلام في الشرق الأوسط بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
واستمر هذا الموقف الأميركي من المغرب راسخا وثابتا ولم يتزعزع خلال الولاية الحالية التي يقودها رئيس ديمقراطي مثل جو بايدن. لكن إذا انتقلنا من المقارنة الحزبية إلى المقارنة الشخصية من الواضح أن كفّة ترامب تبدو أرجح بالنسبة إلينا في المغرب، على الأقل على مستوى المراقبين والمتابعين للشأن السياسي. من المهم للغاية أن يتخذ الاعتراف الأميركي بمغربية الصحراء الذي أعلنه دونالد ترامب شكلا ملموسا وعمليا أكثر. على سبيل المثال لقد كنا نعوّل كثيرا على أن تبادر إدارة بايدن إلى تفعيل هذا الاعتراف من خلال فتح قنصلية أميركية في الأقاليم الجنوبية، لكن ذلك لم يحدث. هذا لا يعني أن إدارة بايدن تراجعت عن القرار، فقد نفت ذلك في بلاغ سابق، وأكدت التزامها بما أعلنه سلفها.
لكن نحن نريد أن تسير واشنطن إلى أبعد مدى في تفعيل مقتضيات هذا الاعتراف، لأن الاعتراف الأميركي هو الذي ولّد بالمناسبة دينامية الاعترافات الأخرى اللاحقة. وإذا بادرت واشنطن قريبا إلى اتخاذ قرار أكثر وضوحا وجرأة وحسمت موضوع مغربية الصحراء، فهذا يعني أننا سنقطع أشواطا كبيرة في إنهاء هذا النزاع المفتعل. لذا؛ إذا تساءلنا: من هو الرئيس الأميركي الأقدر على ذلك؟ دون شك يمكن أن نؤكد أن دونالد ترامب، بما يمتلكه من جرأة وحسم في إدارة العلاقات الخارجية وتدبير العديد من الملفات والنزاعات هو الرجل الأنسب للدفع قدما نحو هذا القرار. لذلك ليس من المستغرب أن نخلص إلى أن الكثير من مصالحنا الاستراتيجية في المغرب تتقاطع مع وجود الجمهوريين في البيت الأبيض، وسيطرتهم على دواليب الإدارة والتشريع والتوجيه الاستراتيجي. لقد كان بايدن أيضا صديقا مؤيدا للمغرب، لكن قد يكون ترامب صديقا ومفيدا في الوقت نفسه لمصالح بلادنا.

زر الذهاب إلى الأعلى