أخبار الدارسلايدر

ما دلالات اقتراح أحزاب الأغلبية فكرة التنسيق في انتخابات 2026؟

الدار/ تحليل

من بين الأفكار الجوهرية التي طُرحت خلال الاجتماع الأخير للأغلبية الحكومية بحضور قيادات أحزاب التجمع الوطني للأحرار والاستقلال والأصالة والمعاصرة إمكانية التنسيق من أجل خوض انتخابات 2026 التشريعية بصيغة مشترك لم يتضح بعد شكلها. وعلى الرغم من اتفاق الأحزاب الثلاثة على تعميق التشاور والتفكير في هذا الخيار في الأشهر القليلة المقبلة إلا أن طرحها في السياق الحالي والإعلان عنها بشكل غير رسمي يمكن أن يحمل الكثير من الدلالات ذات الأهمية البالغة سواء فيما يتعلق بإدارة هذه الأحزاب داخليا أو تدبير علاقاتها أو موقعها في التحالف الحكومي الحالي. الحديث عن التنسيق الانتخابي يبدو سابقا لأوانه لذا يمكن أن نركز على الإشارات السياسية التي ينطوي عليها.
يأتي طرح هذا المقترح في سياق سياسي يتميز بانقضاء نصف الولاية الحكومية في ظل احتفاء كبير بالعديد من المنجزات والمشاريع والبرامج الإصلاحية التي تقودها الحكومة، ومن أهمها ورش تعميم الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية وإطلاق دينامية إصلاح منظومة الاستثمارات وبدء التحضير لمشاريع الاستعداد لتنظيم كأس العالم 2030. ويمثل الحديث عن هذا التنسيق الانتخابي نوعا من التعبير عن ثقة التحالف الحكومي في أدائه وعمله على مختلف الملفات التي تضمنها التصريح الحكومي والبرامج الانتخابية للأحزاب الثلاثة المشكلة للأغلبية. الثقة في قدرة هذا التحالف على مواصلة هذه الأوراش بكل عزيمة على الرغم من كل ما يمكن أن تثيره في بعض الأحيان من مواقف وتشنجات.
وهناك وجه آخر لهذه الثقة، إنها الثقة المتبادلة بين مكونات التحالف الحكومي. لقد انتشرت الكثير من الأقاويل والإشاعات منذ بدء عمل الحكومة حول وجود خلافات وتصدعات في صفوف الأغلبية، في إدارة الكثير من القضايا والملفات، بل ذهبت هذه القراءات التنجيمية إلى درجة الحديث عن وجود صراعات تُمارَس بأساليب الاستهداف والضرب تحت الحزام ومحاولة الإجهاز على بعض الوزراء. وتوقعت كثير من هذه القراءات حدوث تعديل حكومي في السنة الثانية من عمر هذه الحكومة، لكنها ظلت مجرد تمنيات لم تتحول إلى حقيقة، بسبب غياب المبررات السياسية الموضوعية لهذا التعديل. إذ تتمتع الحكومة الحالية بثقة ملكية كبيرة كما أنها تؤدي الأدوار المنوطة بها بعيدا عن التوجه الشعبوي الذي كان مسيطرا على الحكومة السابقة.
الدلالة الثالثة التي ينطوي عليها مقترح التنسيق الانتخابي المحتمل في انتخابات 2026 هي الرغبة في بناء بديل سياسي جديد تبدو الساحة السياسية الوطنية في حاجة ماسة إليه، ولا سيّما بعد أن فشلت باقي الأحزاب المحسوبة على صف المعارضة في بناء تكتلات وتحالفات حقيقية ومؤثرة قادرة على التحول إلى قدرة اقتراحية وازنة، ومؤهلة لتحمل المسؤولية في حال الفوز في الانتخابات أو حدوث حالة فراغ يفرض الاستعانة بها. فكرة التنسيق الانتخابي التي يمكن أن تتجسد من خلال تقديم المرشح المشترك أو اللائحة المشتركة تكاد تكون غير مسبوقة في التجربة الانتخابية المغربية، على الرغم من أنها ظهرت في نطاق محدود عندما قدمت بعض أحزاب اليسار لوائح مشتركة في انتخابات تشريعية أو جماعية.
ومن الواضح أن فكرة البديل السياسي المقنع والقادر على ملء الساحة السياسية والاستجابة لانتظارات الناخبين تمثل على ما يبدو الدافع الرئيس وراء تداول أحزاب الأغلبية في هذا الخيار، الذي يظل على العموم مجرد مقترح أولي، ستواجهه دون شك الكثير من الصعوبات والتحديات. إذ ليس من السهل على الأحزاب الثلاثة تجاوز خياراتها السياسية الداخلية وطموحات نخبها الخاصة، التي من الممكن أن تتعارض تماما مع فكرة التنسيق الانتخابي. لكن في انتظار تقدم هذه الأحزاب في مناقشة هذا الخيار والتوصل إلى صيغة متفق عليها فإن مجرد طرح هذه الفكرة يؤكد أن التحالف الحكومي يمر بأزهى أيامه وأن حكومة عزيز أخنوش تسير بهدوء في مسار أدائها السياسي.

زر الذهاب إلى الأعلى