هل سيشارك الجيش الجزائري في النسخة القادمة من مناورات الأسد الإفريقي؟
الدار/ تحليل
حظي رئيس القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا المعروفة اختصار بـ”أفريكوم” مايكل لانغلي باستقبال حافل في الجزائر بحضور السفيرة الأميركية إليزابيث مور. فقد التقى المسؤول العسكري الأميركي بقائد الأركان اللواء الأسير السابق السعيد شنقريحة في العاصمة الجزائر، كما التقى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بحضور وفد رفيع من الجانبين. الاهتمام الرسمي الجزائري بهذه الزيارة أثار الكثير من التساؤلات، ولا سيّما أن هذه القيادة تشرف سنويا على تنظيم مناورات عسكرية كبيرة في المغرب تعرف بمناورات الأسد الإفريقي. لقد تطورت هذه المناورات حتى أضحت تضم أكثر من 7 آلاف عسكري ينتمون إلى أكثر من 20 دولة وفقاً للدورة الأخيرة التي جرت في ماي الماضي.
لقد ثار هذا السؤال بعد هذا الاستقبال الحافل الذي خصصه المسؤولون الجزائريون لقيادة الأفريكوم، وبعد التدوينة التي نشرتها السفيرة الأميركية وقدمت من خلالها الشكر إلى السلطات الجزائرية على دعمها للمناورات العسكرية الإقليمية والمشاركة فيها. لم تشر التدوينة إن كان الأمر يتعلق بمناورات سابقة أم تلك التي من المقرر أن تجري العام المقبل. من المنتظر أن تشهد مناورات الأسد الإفريقي 2025 اتساع رقعة المشاركين، وتزايد أعداد الجنود المستفيدين، علاوة على تطوير برامج المناورات والتداريب المقررة. وتأتي هذه التدوينة الجديدة في أعقاب الحوار الذي أجرته السفيرة الأميركية مع صحيفة جزائرية وأعلنت من خلاله أن اعتراف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بمغربية الصحراء حقيقة تاريخية لا يمكن للرئيس الحالي جو بايدن أن يغيرها.
من الواضح أن نظام الكابرانات ابتلع هذه الحقيقة الصادرة في صحيفة جزائرية دون أن ينبس ببنت شفة، لأن الأمر يتعلق بالولايات المتحدة الأميركية التي تعد الفاعل الرئيسي على الصعيد العالمي، وهي وحدها القادرة على إثبات قراراتها الدبلوماسية الجريئة بما يلزم من المبررات المنطقية. وفي هذا السياق تبدو الإشارة إلى مشاركة الجزائر في المناورات وشكرها على ذلك جزء من خطة التوضيح التي تنهجها واشنطن مؤخرا فيما يتعلق بالكثير من القضايا والنزاعات الدولية. فعلى الرغم من أن الجزائر لا تزال محسوبة إلى اليوم على تركة الاتحاد السوفياتي، وتظل من ثمّ تابعة للحلف الروسي، إلا أن الولايات المتحدة أضحت ترى على ما يبدو أن العناد الجزائري في عدد من القضايا وعلى رأسها قضية الصحراء المغربية لم يعد له معنى.
والظاهر أن واشنطن قررت عبر زيارة مايكل لانغلي أن تدعو الجزائر رسميا إلى الانضمام إلى صفوف الدول المشاركة في هذه المناورات التي تجري في غالبيتها على أراضي الصحراء المغربية. قد تبدو مشاركة الجيش الجزائري في هذه المناورات على أراضي الصحراء المغربية مهينة للكابرانات، لكن هل لديهم ما يكفي من الجرأة لرفض هذه الدعوة أو معارضة الميول الأميركية في المنطقة؟ يجب أن نفهم أن الولايات المتحدة الأميركية أضحت مقتنعة أكثر من أيّ وقت مضى أن النزاع المفتعل في الصحراء المغربية يجب أن ينتهي في أقرب الوقت. وواشنطن على دراية بأنه ملف مفتعل من السلطات الجزائرية القادرة على إنهاء هذه المهزلة التي طالت أكثر من اللازم بقرار سياسي شجاع وفي لحظة تاريخية.
لذا؛ قد تشكل مبادرة إدماج الجيش الجزائري في مناورات الأسد الإفريقي مدخلا أوليا لتحقيق قدر من التطبيع والتبادل الإيجابي. صحيح أن الجيش الجزائري يعاني كثيرا على مستوى التطوير التقني وامتلاك العتاد العصري والمقاربات العسكرية الحديثة، لكن مع ذلك من الممكن أن تكون المناورات مجرد ذريعة لاستقطاب هذا النظام نحو المزيد من الانفتاح ولو التدريجي على المنطقة وأوروبا وبقية أجزاء العالم. ولأن هذا النوع من المناورات يتيح للجيوش المشاركة الاستفادة من طرق التأهيل الحديثة، فإن الجيش الجزائري قد يستفيد في جميع الأحوال الكثير من الخبرات التي فوّتها خلال السنوات القليلة الماضية. سننتظر إذاً الإعلان عن النسخة المقبلة لسنة 2025 كي نرى إن كان هذا الجيش من بين الجيوش المدرجة في المشاركة.