الذكرى الـ49 للمسيرة السوداء.. حين طرد نظام الجزائر الآلاف من المغاربة
الدار/ تقارير
في 18 ديسمبر 1975، وفي يوم كان المسلمون يحتفلون فيه بعيد الأضحى، تعرض آلاف المواطنين المغاربة إلى معاملة قاسية وغير إنسانية من قبل السلطات الجزائرية في ما عُرف بـ”المسيرة السوداء”. هذا الحدث الذي شهد تهجير حوالي 45,000 عائلة مغربية من الجزائر كان رد فعل سياسيًا على “المسيرة الخضراء” التي نظمها المغرب في نفس العام، في خطوة أثارت العديد من التساؤلات حول حقوق الإنسان والعدالة.
بتوجيه من الرئيس الجزائري هواري بومدين ووزير الخارجية. انذاك عبد العزيز بوتفليقة، تم اتخاذ قرار طرد قسري لآلاف العائلات المغربية التي كانت قد استقرت في الجزائر لعقود من الزمن. هذا الإجراء كان بمثابة رد فعل سياسي على المسيرة التي نظمتها المملكة المغربية في نوفمبر 1975، والتي كانت تهدف إلى استرجاع الصحراء المغربية، حيث اعتبرته الجزائر تهديدًا لمصالحها في المنطقة.
في عملية غير مسبوقة، قامت السلطات الجزائرية بإجلاء العائلات المغربية بشكل مفاجئ ودون سابق إنذار، مما تسبب في تدمير حياة آلاف الأشخاص. طُردوا من منازلهم وأعمالهم، وفُصل الأطفال عن آبائهم، كما تم سحب المرضى من المستشفيات، وتركوا في العراء بلا مأوى. عاشت هذه العائلات في ظروف مأساوية، في حين تمت مصادرة ممتلكاتهم بشكل تعسفي، ما زاد من معاناتهم.
ما حدث في الجزائر لا يمكن تفسيره إلا كخرق صارخ للقوانين الدولية التي تحظر التهجير القسري وتعامل الإنسان بشكل غير إنساني. عمليات الطرد الجماعي والتمييز العرقي التي تعرض لها المغاربة تعد انتهاكًا مباشرًا للاتفاقيات الدولية، بما في ذلك “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان” والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، فضلاً عن اتفاقيات جنيف التي تحظر التعذيب والمعاملة القاسية.
على الرغم من مرور عقود على هذه الحادثة، لم تعترف الجزائر رسميًا بالخطأ الذي ارتكبته بحق المواطنين المغاربة. لم تقدم أي اعتذار للضحايا ولم تُعِد الممتلكات التي تم الاستيلاء عليها، بل ظل الصمت يخيّم على الحكومة الجزائرية حول مسؤوليتها في هذا الانتهاك الجسيم.
في ذكرى هذه الفاجعة، تظل الدعوات لتحقيق العدالة قائمة. يجب على الجزائر أن تعترف بما اقترفته بحق المغاربة، وأن تُقدّم الاعتذار الرسمي للضحايا. كما يجب عليها اتخاذ خطوات لتعويضهم عما لحق بهم من أضرار، سواء مادية أو نفسية، والاعتراف بحقهم في العودة إلى ممتلكاتهم التي صودرت خلال تلك الفترة.
تظل “المسيرة السوداء” علامة فارقة في تاريخ العلاقات بين الجزائر والمغرب، لكن الأهم من ذلك أنها تظل درسا في الإنسانية. إنه وقت لمطالبة الجزائر بالعدالة للضحايا الذين ذاقوا مرارة التهجير والتدمير، والاعتراف بأن الظلم لا يجب أن يمر دون حساب.