أخبار الدارأخبار دوليةسلايدر

“مانيش راضي”.. كرة الثلج تكبر والنظام الجزائري يبحث عن مخرج

"مانيش راضي".. كرة الثلج تكبر والنظام الجزائري يبحث عن مخرج

الدار/ تحليل

لم يعد أمام نظام الكابرانات الكثير من المنافذ والخيارات للخروج من الورطة السياسية التي يعيشها في الوقت الحالي. هناك فشل ذريع على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية، وتبخّر للوعود التنموية الكاذبة التي أطلقها الرئيس الحالي خلال حملتين انتخابيتين متتاليتين، علاوة على تساقط الحلفاء وآخرهم نظام بشار الأسد. وبينما يواصل هاشتاغ “مانيش راضي” تصدر الترند في الجزائر، يحاول قادة الكابرانات تهدئة الأوضاع بإطلاق وعود جديدة على غرار تلك التي أعلن عنها عبد المجيد تبون في خطابه الأخير الذي ألقاه على نحو استثنائي ودون مناسبة تُذكر. وفي المقابل تستمر كرة الثلج الاحتجاجية في التنامي يوما بعد يوم، بينما يفشل النظام في تقديم الإجابات السياسية والدستورية والاجتماعية المطلوبة.
وما يزيد الوضع سوءاً بالنسبة لنظام الكابرانات هو عزلته المتزايدة عن جواره الإقليمي، ولا سيّما مع تردّي العلاقات الخارجية لهذا النظام مع جلّ البلدان الواقعة على حدوده، وآخرها الجمهورية المالية التي احتجت على التدخل في شؤونها الداخلية. لم يعد أمام النظام الجزائري أيّ متنفّس خارجي غير جناح الدبيبة في ليبيا ونظام قيس سعيّد، وهذا ما يفسر حرص الرئيس الجزائري على الاتصال بهما قبل يومين، لنقل تهاني رأس السنة وفقا لما أعلنته وكالة الأنباء الجزائرية. والحقيقة أن هذا الاتصال ليس مجرد إجراء بروتوكولي سعيد، بل يعكس هذه الورطة التي يعيشها النظام وحالة الاختناق التي تطوّقه من كل الجوانب.
لقد هدم هذا النظام علاقاته مع دول الساحل مثل النيجر ومالي وبوركينافاسو، وأساء إلى علاقاته مع موريتانيا مؤخرا، كما تورط في أزمة أخرى مفتعلة مع فرنسا، علاوة على انقطاع حبال الود مع العديد من الدول العربية. كما أن علاقاته التاريخية مع روسيا لم تعد تجدي نفعا منذ أن تم رفض الطلب الرسمي للجزائر بالانضمام إلى منظمة دول “بريكس”. والشعور بهذا الاختناق واضح اليوم في قرارات النظام الجزائري الذي اضطُرّ مؤخرا إلى إعلان عفو استثنائي شمل الكثير من المعتقلين، بمن فيهم أولئك الذين خرجوا في حركات احتجاجية أو دعوا إليها. كما يتّضح ذلك أيضا في مضامين الندوة الصحافية الأخيرة التي أشرف عليها وزير الخارجية الجزائري.
لقد بدا مرتبكا واعترف دون أن ينتبه إلى ذلك بمسؤولية بلاده عن النزاع المفتعل في الصحراء المغربية في سياق انتقاده لمخطط الحكم الذاتي الذي يقترحه المغرب. وهذا ما يفسر أيضا المساعي غير المعلنة للتفاوض مع المغرب، والبحث عن مخرج من هذا المأزق. هناك محاولات حثيثة للنظام الجزائري من أجل تجديد قنوات الاتصال مع المغرب، وإعادة تطبيع العلاقات والعودة إلى مستويات سابقة من التبادل والتقارب. لكن هذه المحاولات تتأسس مرة أخرى على تصور مشوّه لدور المغرب وعلاقاته الخارجية، إذ يحاول الكابرانات مرة أخرى نسبة ما يحدث من حراك داخلي في الجزائر إلى جهات خارجية على رأسها المغرب طبعا.
المخرج من الأزمة التي يعيشها النظام الجزائري يوجد أساسا داخل الجزائر. أي في التخلص من نمط العلاقات التي كرّسها هذا النظام مع مكونات الشعب الجزائري، بالاعتماد على تصور مافيوزي يقوم على توزيع الامتيازات على العسكر، وإذلال المواطن البسيط في رحلة الحصول على احتياجاته الإنسانية اليومية. والمرحلة الثانية من هذا الحلّ تكمن أيضا في التخلي عن عقلية تصدير الأزمة إلى البلدان المجاورة، واختلاق الفتن والقلاقل، ودعم التيارات الانفصالية والإرهابية. إذا تصالح النظام مع شعبه وتصالح مع محيطه وجواره حينها يصبح بإمكانه إنقاذ البلاد من الانهيار المحتوم في حال استمرت سياسة الكابرانات العدائية على حالها. لذلك تبدو أيّ محاولة مزعومة للتقارب مع المغرب دون تراجع عن الإجراءات والخيارات العدائية مجرد ذرّ للرماد في العيون.

زر الذهاب إلى الأعلى