أخبار الدارسلايدر

العزلة الديبلوماسية للنظام الجزائري… احتضار الأنفاس الأخيرة

بقلم: ياسين المصلوحي

تتولى النكبات الديبلوماسية التي يغرق فيها النظام الجزائري، أو التي تزيد من عزلته الدولية أكثر فأكثر، وتجعله في جزيرة نائية بعيدًا عن المنظومة الدولية وما تعرفه من تقدم وتنمية متسارعين.
فبالإضافة إلى خساراته الديبلوماسية المتكررة في قضية الصحراء المغربية، والتي يدعم فيها نظام الكابرانات العسكرية جمهورية وهمية لا تتوفر على أبسط مقومات الدولة، حيث تريد الجزائر إقامة دولة مستعملة شعبًا مختطفًا فوق رقعة جغرافية لا تربطه بها أية صلة لا تاريخية ولا عرقية، بواسطة سلطة سياسية وهمية لا تتوفر لا على الشرعية ولا المشروعية، يستحيل معها إرساء النظام وتحقيق الاستقرار.
ففي الوقت الذي يحقق فيه المغرب الانتصارات تلو الأخرى على مستوى التمثيليات الديبلوماسية للدول في الإقليم الجنوبي للمملكة من شتى القارات، ويكسب الاعترافات العالمية بمغربية الصحراء، نجد النظام الجزائري يغرد منفردًا خارج سرب الحقيقة التي لم تعد تخفيها مسرحيات الاستقبالات والاستقبالات المماثلة بينها وبين صنيعتها جبهة البوليساريو.
وخير مثال على ذلك هو سحب الجزائر لسفيرها من الجمهورية الفرنسية كرد فعل على اعتراف فرنسا بسيادة الدولة المغربية على الصحراء المغربية بمناسبة الذكرى 25 لعيد العرش المجيد، من خلال دعم مخطط الحكم الذاتي تحت السيادة الوطنية للدولة المغربية.
ولعل الطريقة المهينة التي تم بها استقبال وزيرة خارجية الجزائر من طرف أحمد الشرع، الرئيس الانتقالي لسوريا، تظهر مدى انعزال النظام السوري، خصوصًا في علاقته مع الإدارة السورية الجديدة التي رفضت رسميًا تسريح 500 جندي جزائري ومرتزقة البوليساريو، كانوا إلى الأمس القريب في صفوف شبيحة نظام الأسد يحاربون الشعب السوري، كما أكد على ضرورة محاكمتهم إلى جانب أذناب النظام المتورطين في جرائم إنسانية، وهو ما جاء في تقارير رسمية للتلفزيون السوري. كما أنه لم يكن يخفى على القاصي والداني علاقات الود والتقارب بين نظام تبون والأسد، في الوقت الذي اختار المغرب موقعه مسبقًا بمقاطعة النظام السوري والاصطفاف إلى جانب اختيارات الشارع السوري.
ولعل آخر تجليات العزلة الدولية للجزائر، وليس آخرها، هو الفشل الذريع في الحصول على مقعد في مجلس السلم والأمن الذي يعد هيئة تنفيذية داخل المنظمة القارية الإفريقية، حيث، وبالرغم من التحركات الديبلوماسية الحثيثة قبيل عملية التصويت، والتي كانت مرفقة ببعض الإغراءات المالية من أجل استمالة أصوات الناخبين للظفر بهذا المنصب التمثيلي الرفيع واستعادة المكان الذي يشغله المغرب منذ ما يقارب ثلاث سنوات داخل مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، جرى التصويت السري الذي لم يمكن الجزائر من الانضمام للمجلس بعد عدم حصولها على ثقة المصوتين.
ففي الوقت الذي تسعى فيه كل القوى العالمية إلى تثبيت جو من الاستقرار ودعم الأنظمة التي توفر مناخًا صحيًا للاستثمار وتشجيع الصناعة وتنمية البلدان التي يمكن أن تكون إلا في دول مستقرة، نجد الجزائر تدعم الفصائل الانفصالية أينما كانت، بغض النظر عن شرعيتها ومشروعية مطالبها والقضية التي تتبناها، وهو ما يساعد على زعزعة الاستقرار والأمن الإقليمي ويوفر مرتعًا خصبًا لنمو التطرف والإرهاب وتغذية التوترات، ما خلق موقفًا عدائيًا من غالبية الدول في مواجهة النظام الجزائري.
كما أن التخبط والعشوائية التي يعرفها الموقف السياسي الجزائري من القضية الفلسطينية، يضعه في حرج دولي كبير. فها هو تارة يطلب فتح الحدود للدفاع ومناصرة القضية الفلسطينية ومدها بالدعم وبناء المستشفيات، وهو الأمر الذي تقوم به مجموعة من الدول دون دعاية ولا بروباغاندا إعلامية، بل إن الأمر لا يعدو أن يكون استغلالًا للقضية الفلسطينية في حملة انتخابية رئاسية، فيما يلاحظ مؤخرًا خطب الود الإسرائيلي بهدف التطبيع معهم واستفزازهم إيجابيًا من أجل التقارب معهم، وهو ما يبرز حجم الارتباك الذي تعرفه المواقف الجزائرية الرسمية.
إن ما يعجز النظام الجزائري عن تحقيقه سياسيًا وديبلوماسيًا، يحاول تحقيقه بمناورات اجتماعية يروم من خلالها دغدغة مشاعر الشعب الجزائري من خلال اختلاق معارك وهمية والتسويق لكون الدولة الجزائرية مستهدفة وأنها في مواجهة دائمة مع بعبع لا يوجد إلا في مخيلة عسكري النظام، ونهج سياسة الهروب للأمام وتصريف الأزمة الداخلية المتمثلة في البطالة والفقر والهشاشة وضعف البنية التحتية وتردي الخدمات الاجتماعية إلى الخارج. فعوض استثمار أموال الغاز والمحروقات في تنمية البلاد وخلق فرص الشغل وتطوير القدرات، نجدهم يزودون بها مرتزقة جبهة البوليساريو الملتقطين من مختلف زوايا إفريقيا، كما أنهم يبعثرون هذه الأموال لمحاولة شراء بعض جماعات الضغط الدولية في البرلمان الأوروبي والكونغرس الأمريكي لاستصدار بعض القرارات الاستفزازية في حق المغرب بين الفينة والأخرى، قبل أن تعيدهم المحاكم الدولية إلى جادة الصواب، دون نسيان محاولات السرقة الثقافية والحضارية المتعددة التي يعاني منها المغرب، انطلاقًا من محاولة سرقة القفطان المغربي والزليج المغربي وبعض الأكلات الشعبية المغربية ونسبها إلى الثقافة الجزائرية.
إن بقاء النظام الجزائري في هذه العزلة الدولية وانفصاله عن الواقع الذي يفرض حقيقة أن العالم يتطور ويتقدم نحو المستقبل بسرعة، يصعب معها لحاق هذا النظام بدينامية العالم، من شأنه أن يؤثر على المجتمع الداخلي الجزائري وإمكانية انفجار موجة من الاحتجاجات والمظاهرات بعد طفح كيل المواطنين. كما من شأنه أن يؤثر على المنطقة الإقليمية ككل بسبب الترابطات الاستراتيجية للدول المجاورة وتأثير بعضها على بعض.

زر الذهاب إلى الأعلى