محطة شمسية في قلب القيروان: شراكة صينية تونسية تفتح آفاقاً جديدة للطاقة النظيفة

الدار/ خاص
في قلب مدينة القيروان، التي تنبض بتاريخها العريق ومكانتها الروحية في وجدان التونسيين، تشهد البلاد خطوة استراتيجية نحو المستقبل الأخضر، مع انطلاق أشغال أول محطة كهروضوئية من نوعها في تونس.
تتولى شركتان صينيتان، هما “تيانجين للإنشاءات الكهربائية” و”معهد تصميم الطاقة الكهربائية الشمالية الغربية”، إنجاز هذا المشروع الرائد الذي يغطي مساحة 200 هكتار، ويعتمد نموذجاً متكاملاً يشمل التصميم والبناء والإشراف والصيانة. ومن المرتقب أن تسهم المحطة، التي لا تزال قيد الإنشاء، في توليد حوالي 5.5 مليار كيلوواط/ساعة من الكهرباء على مدى 25 سنة، ما من شأنه تقليص انبعاثات الكربون بما يعادل زرع 12 مليون شجرة في الصحراء.
ويمثل هذا المشروع، الذي انطلقت أشغاله في مايو 2024 والمقرر الانتهاء منه في أكتوبر 2025، أكبر محطة طاقة شمسية في تونس حتى الآن. ويُتوقع أن يحدث نقلة نوعية في مسار الانتقال الطاقي في البلاد، من خلال رفع مساهمة الطاقات المتجددة في المزيج الطاقي الوطني إلى حدود 30% في أفق 2030.
شو تشي يونغ، نائب المدير العام للشركة المنفذة، أكد أن تفوق التكنولوجيا الصينية ونجاعتها الاقتصادية كانا من أبرز عوامل ترجيح الكفة لصالح الشركتين، مضيفاً أن المشروع سيوفر طاقة كافية لدعم مختلف القطاعات، من الصناعة إلى الفلاحة والسكن.
من جهة أخرى، أعرب مسؤولو الطاقة في تونس عن تفاؤلهم الكبير بهذا المشروع، معتبرين إياه تجربة نموذجية قابلة للتكرار، خصوصاً في ظل الالتزام الصارم بمعايير السلامة والدقة التشغيلية. وأشار حسام، أحد مفتشي السلامة العاملين بالموقع، إلى أن المشروع يُعد من أكثر المشاريع التزاماً بإجراءات الوقاية، حيث لم يُسجل أي حادث يُذكر منذ بدايته، بفضل نظام تدريب أسبوعي صارم ونُظم تحكم ذكية.
القيروان، هذه المدينة التي حملت عبر العصور مشاعل العلم والدين، تفتح اليوم أبوابها للشمس لتغذيها بطاقة نظيفة، وتؤكد أن الإرث الحضاري يمكن أن يكون منطلقاً لمستقبل مستدام. فبين ماضيها المجيد وطموحاتها البيئية، تواصل القيروان كتابة فصول جديدة من قصتها، تحت شعار: “نحو تونس خضراء وأكثر إشراقاً”.