
الرباط – أحمد البوحساني
استضاف مجلس النواب المغربي، يوم الاثنين، الدورة الثالثة والثمانين (83) للجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الإفريقي، في خطوة جديدة تعزز التزام المغرب بدعم العمل البرلماني القاري، وتعميق الحوار حول التحديات السياسية والتنموية التي تواجه إفريقيا.
وفي كلمته الافتتاحية، رحب رئيس مجلس النواب المغربي، راشيد الطالبي العلمي، بضيوف المغرب من رؤساء وأعضاء اللجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الإفريقي، مؤكداً على أهمية هذا اللقاء الذي ينعقد في سياق التحضير للمؤتمر السنوي المقبل للاتحاد، المزمع تنظيمه في العاصمة الكونغولية كينشاسا نهاية السنة الجارية.
ورغم الطابع المؤسساتي لاجتماع اللجنة، فقد شدد العلمي على أن لأشغال الدورة أبعاداً سياسية تتجاوز الجانب التنظيمي، لما تحمله من فرص لتعزيز التفاهم القاري وإنضاج التوافق حول المحاور الأساسية لمؤتمر كينشاسا.
وفي هذا السياق، جدد تهانيه لرئيس الاتحاد الجديد، السيد علي كولوتو تشايمي، معرباً عن ثقته في قيادته للمرحلة المقبلة، ومثمناً في الوقت ذاته أداء الأمانة العامة للاتحاد، التي تعمل، حسب تعبيره، على توفير شروط العمل الجاد للاتحاد، الذي ظل لعقود منصة حوار برلماني حر ومستقل على الصعيد الإفريقي.
وركز العلمي في كلمته على ضرورة ترسيخ مفاهيم السيادة الوطنية بمختلف أبعادها، معتبراً أن تعزيز السيادة، سواء كانت ترابية أو غذائية أو طاقية أو دوائية، يُعد مفتاحاً لتحقيق التنمية المستدامة في القارة. كما دعا إلى ضرورة احترام وحدة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، مبرزاً أن النزاعات المتعددة التي تنهك القارة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بغياب هذا الاحترام، ما يؤدي إلى تعطيل الاستثمار، وتكريس المعاناة الإنسانية، وخلق موجات من النزوح والهجرة.
كما أشاد رئيس مجلس النواب بالاقتراح المبدئي لإدراج موضوع الانتقال الطاقي ضمن أجندة المؤتمر المقبل، واصفاً إياه بـ”الرهان الآني والمستقبلي”، ومشدداً على الإمكانيات الكبيرة التي تزخر بها القارة الإفريقية في هذا المجال.
لكنه أوضح أن هذه الإمكانيات تظل رهينة بالحصول على التكنولوجيا والمهارات والاستثمارات اللازمة. كما دعا إلى تعزيز الشراكات العابرة للحدود، خاصة في المناطق التي تتلاقى فيها حدود الدول، لجعلها فضاءات للاندماج بدل أن تبقى بؤراً للتوتر.
ولم يغفل الطالبي العلمي الحديث عن الذكاء الاصطناعي، الذي وصفه بـ”موضوع الساعة”، داعياً إلى تناول هذا الملف من ثلاث زوايا رئيسية:
أولاً: ضمان ألا تضيع إفريقيا فرصة تملك هذه التكنولوجيا كما حدث مع الثورة الصناعية والمعلوماتية؛
ثانياً: ضمان حكامة جيدة لاستعمالاته بما يحترم الخصوصيات الثقافية والأخلاقية للقارة؛
ثالثاً: جعله موضوعاً لترافع جماعي إفريقي من أجل تحقيق استفادة عادلة من المعارف والتقنيات العالمية.
وفي ختام كلمته، ذكّر العلمي بالمبادرات الإفريقية الكبرى التي أطلقها الملك محمد السادس، وفي مقدمتها مشروع أنبوب الغاز نيجيريا–المغرب، ومبادرة تمكين بلدان الساحل الإفريقي من الولوج إلى المحيط الأطلسي، إلى جانب مسلسل التعاون بين الدول الإفريقية الأطلسية، وكلها مبادرات تدخل في صلب رؤية المملكة لشراكة إفريقية قوية تقوم على الاندماج والتنمية المستدامة والتعاون جنوب–جنوب.
وانهى الطالبي العلمي كلمته بالتأكيد على أهمية أشغال اللجنة، متمنياً لها النجاح، ومعبّراً عن اعتزاز المملكة المغربية باستقبال هذا الحدث، في خطوة تؤكد استمرار التزام الرباط بالمساهمة الفاعلة في بناء إفريقيا قوية وموحدة، ترتكز على أسس التنمية والسيادة والتعاون.