المغرب ينتصر دبلوماسيًا في دمشق: طيّ صفحة “البوليساريو” في سوريا وتكريس لشرعية الوحدة الترابية
المغرب ينتصر دبلوماسيًا في دمشق: طيّ صفحة “البوليساريو” في سوريا وتكريس لشرعية الوحدة الترابية

الدار/ تحليل
في لحظة مفصلية في تاريخ العلاقات المغربية السورية، دشنت زيارة البعثة التقنية المغربية إلى دمشق بداية مرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية بين الرباط والنظام السوري الجديد بقيادة الرئيس أحمد الشرع. فإعادة فتح سفارة المملكة المغربية في سوريا ليست مجرد خطوة بروتوكولية، بل تعبير سيادي عن رؤية دبلوماسية مغربية ناضجة تفرض نفسها في قلب التوازنات الجيوسياسية المعقدة للمنطقة، وتغلق بابًا أمام محاولات الانفصال والتخريب التي غذّتها الجزائر لسنوات عبر دمية البوليساريو.
تفعيل القرار الملكي: نهج دبلوماسي برؤية استراتيجية
تنفيذ التعليمات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، بإعادة فتح السفارة المغربية في دمشق يعكس عمق الحكمة السياسية التي تميزت بها الدبلوماسية المغربية، حيث لا تقف عند حدود المواقف الظرفية، بل تتجاوزها نحو استباق التحولات وقيادتها من موقع الفاعل، لا المتلقي. فعودة المغرب بقوة إلى الساحة السورية، بعد أكثر من عقد من الانقطاع، رسالة واضحة بأن الرباط شريك موثوق به، لا يُقايض المبادئ بالولاءات.
سوريا الجديدة تختار المغرب وتغلق ملف الانفصال
الأهم من ذلك، هو ما واكب هذه الزيارة التاريخية من موقف صارم وحاسم من قبل السلطات السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع، حيث تم إغلاق المكتب غير الشرعي الذي كانت تشغله جبهة البوليساريو في دمشق، وهو ما يشكل ضربة دبلوماسية مدوية للجزائر، الراعية الوحيدة لهذا الكيان الانفصالي. هذه الخطوة السورية جاءت لتؤكد أن وحدة المغرب الترابية لم تعد موضوع نقاش أو مساومة، بل باتت تحظى بتأييد متزايد في الساحة العربية، حتى من دول كانت في وقت مضى أقرب إلى الحياد أو الغموض.
إن إغلاق هذا المكتب الانفصالي ليس مجرد إجراء رمزي، بل هو اعتراف سياسي وسيادي من سوريا بأن المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها، وأن دعم الكيانات الوهمية لم يعد له مكان في السياسات الواقعية التي تقوم على احترام السيادة ووحدة الأراضي.
ضربة موجعة لمحور الجزائر–البوليساريو: عزلة تتسع وانهيار دبلوماسي
تأتي هذه الصفعة السورية للبوليساريو في وقت يتكبد فيه هذا الكيان المزعوم خسائر دبلوماسية متتالية على مستوى العالم، خاصة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية، بينما تزداد عزلة الجزائر، التي باتت سياساتها قائمة على دعم مشروع فاشل ومرفوض عربيًا ودوليًا، حتى من بعض حلفائها السابقين. الجزائر، التي حاولت مرارًا إقحام قضايا مغاربية في صراعات المشرق العربي، تجد اليوم نفسها أمام جدار صلب من المواقف الرافضة للانفصال، يتزعمه المغرب بثقة مدعومة بشرعية تاريخية وقانونية.
العلاقات المغربية السورية: نحو شراكة أمنية وسياسية واعدة
القرار الملكي بإعادة فتح السفارة المغربية في دمشق يتجاوز البعد الدبلوماسي الكلاسيكي، ليرسم معالم مرحلة جديدة من التعاون الثنائي في ملفات عدة، أبرزها مكافحة الإرهاب، إعادة الإعمار، وتنسيق المواقف داخل المحافل الدولية. ويُرتقب أن تشهد المرحلة القادمة زيارات رفيعة المستوى واتفاقيات اقتصادية وأمنية تعزز حضور المغرب في المشرق، وتكرس محورية دوره في تعزيز الاستقرار الإقليمي.
المغرب يفرض واقعه الإقليمي ويحسم المعركة الرمزية في دمشق
بإغلاق مكتب البوليساريو في العاصمة السورية، تنقلب المعادلة الدبلوماسية لصالح المغرب، الذي أثبت مرة أخرى أنه لا يفاوض على وحدته الترابية، ولا يساوم على شرعيته. في المقابل، تتلقى الجزائر هزيمة جديدة في معركة افتعلتها ضد مصالح الشعب المغربي، لكنها اليوم تجد نفسها معزولة حتى في محيطها العربي.
الرباط تمضي بثقة، بدبلوماسية مبنية على رؤية ملكية استراتيجية، بينما تنزلق الجزائر نحو مزيد من التخبط في رهاناتها الفاشلة. وفي دمشق، حيث طويت صفحة البوليساريو، يُكتب فصل جديد من التاريخ العربي المشترك، عنوانه: المغرب حاضر… والشرعية تنتصر.