أخبار الدارسلايدر

إدانة إدريس الراضي وشقيقه بالسجن.. لحظة مفصلية في مسار محاربة الفساد بسهل الغرب

إدانة إدريس الراضي وشقيقه بالسجن.. لحظة مفصلية في مسار محاربة الفساد بسهل الغرب

الدار/ تحليل

شهد الرأي العام المغربي تطورًا لافتًا في ملف طالما كان محط جدل وتساؤلات، بعد أن قضت محكمة مغربية بالسجن أربع سنوات نافذة في حق إدريس الراضي، أحد أبرز الأسماء المعروفة في منطقة الغرب، وثلاث سنوات في حق شقيقه، وذلك بتهم تتعلق بالفساد واستغلال النفوذ.

هذه الأحكام القضائية تأتي تتويجًا لمسار قضائي امتد شهورًا، وُجهت خلاله للمُدانين تهم تتعلق بتبديد المال العام، واستغلال السلطة لتحقيق مكاسب شخصية، في واحدة من أكثر الملفات تعقيدًا التي تشغل الرأي العام في منطقة الغرب، المعروفة تاريخيًا بزراعتها الخصبة، لكنها أيضًا – وفق عدة تقارير – واحدة من أكثر المناطق التي تعاني من تغلغل الفساد الإداري والاقتصادي.

إدريس الراضي، الذي راكم تجربة طويلة في العمل السياسي والنيابي، كان يُعتبر من “أعيان” منطقة الغرب الذين يتمتعون بنفوذ واسع، سواء عبر البرلمان أو المجالس المنتخبة، أو من خلال علاقات قوية مع شبكات المال والأعمال. غير أن هذا المسار اصطدم مؤخرًا بموجة المحاسبة التي باتت تشمل عددا من الأسماء البارزة، في ظل توجه رسمي مغربي يرفع شعار “ربط المسؤولية بالمحاسبة”.

المثير في هذا الملف، أن الراضي لم يكن فاعلًا سياسيًا فقط، بل كان يتموقع أيضًا كأحد كبار الملاك في منطقة الغرب، حيث تشير تقارير صحفية وميدانية إلى امتلاكه أراضي شاسعة وموارد زراعية ضخمة، وهو ما زاد من تعقيد التحقيقات، لا سيما حين ارتبط الأمر بتهم تتعلق بالتلاعب في العقار واستغلال النفوذ للحصول على امتيازات بطرق غير مشروعة.

منطقة الغرب، وخاصة سهل الغرب، تُعد من بين أكثر الأقاليم حيوية من حيث الثروات الطبيعية، لكن المفارقة أن سكانها لطالما اشتكوا من تدهور البنية التحتية، وانتشار البطالة، وغياب العدالة في توزيع الموارد. وهنا يطرح سؤال جوهري: كيف لمنطقة تزخر بكل هذه الإمكانيات أن تبقى غارقة في الفقر والركود التنموي؟ الجواب، وفق العديد من المتتبعين، يكمن في تغلغل شبكات الفساد والمحسوبية، التي تجعل من محاربة الفساد فيها ضرورة وطنية.

الإدانة القضائية للراضي وشقيقه تحمل رمزية قوية في هذا السياق، فهي رسالة مفادها أن لا أحد فوق القانون، مهما كان موقعه أو خلفيته السياسية والاقتصادية. وهي أيضًا دعوة صريحة إلى إرساء مبدأ الشفافية والمساءلة في تدبير الشأن المحلي، خصوصًا في مناطق كانت تُعتبر “محصّنة” تاريخيًا ضد المحاسبة.

قضية إدريس الراضي وشقيقه ليست حدثًا عابرًا، بل يمكن اعتبارها مؤشرا على مرحلة جديدة تتجه فيها الدولة نحو تعزيز مؤسسات الرقابة وترسيخ حكم القانون، خاصة مع التعليمات الملكية المتكررة بضرورة محاربة كل أشكال الريع واستغلال النفوذ.

ولعل الرسالة الأقوى التي حملتها هذه الأحكام القضائية، هي أن ما كان يُعتقد سابقًا أنه “خط أحمر”، بات اليوم في متناول القضاء، الذي أضحى أكثر جرأة في مساءلة الشخصيات البارزة، متى ثبت تورطها في ملفات فساد تمس المال العام ومصالح المواطنين.

زر الذهاب إلى الأعلى