الشيخ عبد العزيز الكرعاني.. وداع صوت من نور عاش للقرآن ومات على طاعته
الشيخ عبد العزيز الكرعاني.. وداع صوت من نور عاش للقرآن ومات على طاعته

الدار/ بروفايل
بكثير من الحزن والخشوع، ودّع المغاربة صباح السبت 31 ماي 2025، أحد أعذب الأصوات القرآنية وأكثرها خشيةً وخشوعًا، الشيخ عبد العزيز الذي ارتحل إلى جوار ربه، بعد معاناة طويلة مع المرض. غادر الرجل في صمت، لكنه ترك صدىً خالدًا يملأ المساجد والقلوب التي ألفت صوته الرخيم.
ولد الشيخ عبد العزيز الكرعاني في مدينة الدار البيضاء، وهناك خطّ أول سطور رحلته مع القرآن الكريم، رحلة بدأت باكرًا جدًا وهو في سن الخامسة، حين أرسله والده إلى الكتّاب، ليكون أول شيوخه خاله الذي كان يحفظ كتاب الله ويعلمه للصغار بإخلاص. ومنذ ذلك الحين، لم يكن القرآن مجرد حفظ وترديد، بل صار هويةً وسلوكًا ومسلكًا في الحياة.
كرّس الشيخ حياته كلها لخدمة القرآن وأهله، بدءًا من إمامة المصلين في مساجد متواضعة بحي سيدي معروف، وصولًا إلى مسجد القاضي عياض بحي المستقبل، الذي صار مع الوقت يعرف بين الناس بـ”مسجد الشيخ عبد العزيز الكرعاني”. هناك، كان صوته يهزّ الأرواح في صلاة التراويح، وهناك تتلمذ على يديه مئات من الحفظة، تعلّموا منه الترتيل كما تعلّموا منه الوقار والسكينة.
لم يكن الكرعاني مجرد مقرئ، بل كان مربّياً، رجل دعوة، ومثالًا في التواضع والإخلاص. لم يسعَ إلى شهرة أو منصب، بل كانت بغيته دائماً أن يُحسن التلاوة، وأن يكون القرآن رفيقه ورفيق مَن حوله. لهذا ظل اسمه محفورًا في ذاكرة المريدين والمحبين، وأحاديث العلماء والدعاة، حتى قبل رحيله.
حين أُعلنت وفاته، ساد الحزن أرجاء مدينة الدار البيضاء، وتسارعت جموع المصلين إلى مسجد القاضي عياض لأداء صلاة الجنازة، في مشهد مهيب. لم يكن الحضور العفوي سوى شهادة حيّة على محبة الناس له، وعلى الأثر العميق الذي تركه في نفوسهم، وهو أثر لم تصنعه الكاميرات ولا المنابر، بل صنعتْه السكينة التي كانت تنبع من صوته، والإخلاص الذي كان يزين سلوكه.
وقد نعاه علماء كبار ومقرئون بارزون، كان في طليعتهم الشيخ عمر القزابري، الذي وصفه بالأخ الخلوق، والبشوش، والوفي للقرآن. كما عبّر الشيخ محمد المغراوي عن حزنه لفقد “رجل من أهل القرآن، حريص على السنة، حسن الخلق”.
برحيل الشيخ عبد العزيز الكرعاني، يفقد المغرب أحد أبرز رجاله القرآنيين، وتفقد المساجد صوتًا خاشعًا طالما هزّ الأرواح في الليالي الرمضانية. لكن صوته لا يزال حيًّا في القلوب، وفي التسجيلات، وفي سيرة رجل عاش للقرآن ومات على طاعته.
رحم الله الشيخ عبد العزيز الكرعاني، وجزاه عن القرآن وأهله خير الجزاء.