أخبار الدارأخبار دوليةسلايدر

ضبط “صواريخ” لمرتزقة بوليساريو شمال موريتانيا مؤشر على تصاعد التنسيق الإستخباراتي المغربي الموريتاني.

ضبط "صواريخ" لمرتزقة بوليساريو شمال موريتانيا مؤشر على تصاعد التنسيق الإستخباراتي المغربي الموريتاني.

يمثل خبرضبط وحجز الجيش الموريتاني لمخزون صاروخي تابع لميليشيات بوليساريو الإرهابية ، وبالتحديد لما يسمى بـ”الناحية العسكرية الثالثة” المتمركزة في منطقة ميجك، تطورا بالغ الأهمية في سياق التحولات الأمنية والعسكرية الجارية جنوب الصحراء، أمر يعكس تزايد مستوى التنسيق بين الرباط ونواكشوط على المستويين الإستخباراتي والعملياتي الميداني ، وإن ظل هذا التنسيق سريا لطبيعته التكتيكية .

إن حجز 50 صاروخ من نوع “گراد” المتوسطة المدى في منطقة “بودائرة” الواقعة قرب مدينة “الريش” شمال موريتانيا، ليس مجرد عملية أمنية معزولة، بل يحمل رسائل متعددة الأبعاد. فمن جهة يظهر يقظة الأجهزة الأمنية الموريتانية وقدرتها على اختراق الشبكات اللوجستية لمليشيا بوليساريو، مما يؤشر على وجود عمل إستخباراتي مسبق ودقيق،هو ثمرة تعاون وثيق مع أجهزة المخابرات المغربية ، لاسيما وأن المغرب يملك خبرة طويلة في تتبع تحركات الجماعات الإرهابية و الإنفصالية وعمليات تسليحها.
ومن جهة أخرى، فإن هذه العملية تسلط الضوء على واقع مقلق يتمثل في إستمرار تهريب الأسلحة عبر مناطق حدودية حساسة، ما يهدد الأمن الإقليمي ويفضح الجهات الداعمة لتسليح بوليساريو ودعم العصابات الاجرامية والإرهابية الخفاء، رغم الجهود والمساعي الدولية لنزع فتيل التوتر في منطقة الغرب والساحل الإفريقي.
إن هذا الحدث العملياتي المشترك بين المملكة المغربية و الجمهورية الإسلامية الموريتانية ، وبالنظر إلى سياقه الجيوسياسي ، لا ينفصل عن إستراتيجية قائمة على تعزيز روابط الثقة والتنسيق الأمني المغربي الموريتاني، في ظل تقاطع التهديدات التي تمثلها الجماعات الإرهابية المتطرفة في الساحل.
فموريتانيا اليوم تدرك بشكل كبير ،أن الإستقرار في شمالها لن يتحقق دون تعاون وثيق مع المغرب، خاصة مع تصاعد التهديدات القادمة من تندوف ومنطقة الساحل التي باتت مرتعا للجريمة العابرة للحدود.
بالتالي، يمكن قراءة هذه العملية كدليل ملموس على تطور محور أمني صاعد بين المغرب وموريتانيا، عنوانه تبادل المعلومات، و مراقبة الممرات المشبوهة، وضرب البنيات اللوجستية للمليشيات الإرهابية المسلحة التي تهدد أمن وإستقرار الدولتين. إنها خطوة قد تسرع من التفاهمات الثنائية الصامتة وتفتح الباب أمام تعاون أوسع يتجلى في تدريبات مشتركة، ومراقبة جوية منسقة عبر طائرات الدرون ، و عمليات إستباقية لضرب مخابئ السلاح في العمق.

ختاما ، إن هذه العملية تعكس بداية تحول نوعي في العلاقة الأمنية بين الرباط ونواكشوط، في إتجاه شراكة واقعية تفرضها إكراهات الجغرافيا والتهديدات المتزايدة، وتؤشر على عزلة متنامية لبوليساريو وصنيعتها الجزائر في محيطها الجنوبي، حيث كانت تراهن على المساحات الرخوة لتهريب السلاح وتخزينه والإتجار فيه .

ذ/الحسين بكار السباعي
محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان.
خبير في نزاع الصحراء المغربية.

زر الذهاب إلى الأعلى