قرار الصين بإلغاء الرسوم الجمركية.. فرصة ذهبية للمغرب لتوسيع صادراته نحو ثاني أكبر اقتصاد في العالم

الدار/ خاص
أعلنت الصين عن إعفاء كامل لصادرات 53 دولة إفريقية من الرسوم الجمركية، من بينها المغرب، وهو ما يشكّل تطوراً اقتصادياً بالغ الأهمية بالنسبة للمملكة. هذا القرار لا يُمثل مجرد امتياز تجاري ظرفي، بل يُمكن اعتباره تحوّلاً نوعياً في خريطة المبادلات الاقتصادية، ويمنح المغرب فرصة تاريخية لترسيخ موقعه كمحور إقليمي يربط بين إفريقيا وآسيا.
القرار الصيني يفتح الأبواب واسعة أمام الصادرات المغربية للولوج إلى السوق الصينية، التي تُعد واحدة من أكبر وأسرع الأسواق نمواً في العالم. ومن خلال إلغاء الرسوم الجمركية، ستتمكن المنتجات المغربية، خصوصاً الفلاحية والصناعية، من التنافس بقوة داخل السوق الصينية، مستفيدة من تخفيض مباشر في تكلفة العرض وزيادة في جاذبيتها السعرية.
كما أن المغرب، بفضل بنيته التحتية المتقدمة وموقعه الاستراتيجي، سيكون في موقع مثالي للاستفادة من هذا الانفتاح الجديد، عبر تطوير قدراته الإنتاجية والتصديرية، وتعزيز حضوره في سلاسل القيمة العالمية.
الاستفادة المغربية من هذا القرار لا تقتصر فقط على الشق التجاري، بل تمتد إلى مستويات أعمق. إذ يعزز هذا التطور من جاذبية المغرب كوجهة للاستثمار، خاصة في ظل تزايد اهتمام الشركات الصينية بالقارة الإفريقية، وبحثها عن شركاء موثوقين وبيئات استقرار سياسي واقتصادي.
كما يُعزز القرار من مساعي المملكة إلى تنويع شركائها الاقتصاديين وتوسيع هوامش استقلاليتها الاستراتيجية، بعيداً عن الارتهان للأسواق التقليدية. ويمنحها هامشاً أوسع لبناء اقتصاد تنافسي ومندمج في منظومة التجارة الدولية.
لا يمكن فصل هذا الإنجاز عن الدينامية الدبلوماسية التي يقودها المغرب على المستوى الإفريقي والدولي. فالمملكة استطاعت، عبر سياسة خارجية متزنة وواقعية، أن تبني شبكة متينة من الشراكات المتقدمة، تتجاوز الشعارات والمواقف الظرفية، لتُركز على النتائج والمصالح المتبادلة.
ويؤكد قرار بكين الأخير أن المغرب ليس مجرد بلد إفريقي آخر ضمن القائمة، بل شريك موثوق تُعوّل عليه الصين في إطار مبادراتها الكبرى مثل “الحزام والطريق” وتعزيز التعاون جنوب-جنوب.
تأتي هذه الخطوة في وقت يتصاعد فيه التنافس الدولي على الأسواق الإفريقية، ويبحث فيه العالم عن محاور استقرار وإنتاج موثوقة. وهنا، يبرز المغرب كخيار أول للصين ولعدد من القوى الاقتصادية الكبرى، بما يعكس ثقة متنامية في قدراته وموقعه وتوجهاته التنموية.
وفي ظل هذه المعطيات، تبدو الآفاق واعدة لتطوير شراكة مغربية-صينية أكثر عمقاً، تمتد من التجارة إلى الاستثمار، ومن التكنولوجيا إلى التنمية المستدامة.