سهرة نانسي عجرم بمهرجان موازين 2025: عندما يتحول الفن إلى استعراض بلا احترام للجمهور ولا للرموز الوطنية
سهرة نانسي عجرم بمهرجان موازين 2025: عندما يتحول الفن إلى استعراض بلا احترام للجمهور ولا للرموز الوطنية

الدار / تحليل
مرة أخرى، يثير مهرجان “موازين.. إيقاعات العالم” موجة من الجدل والغضب الشعبي، ليس فقط بسبب هدر المال العام واستقدام أسماء فنية مشكوك في قيمتها الفنية، بل أيضًا بسبب ممارسات مستفزة تُظهر استخفافًا واضحًا بالشعب المغربي ورموزه الوطنية.
أحدث حلقات هذا الاستفزاز جاءت من المغنية اللبنانية نانسي عجرم، التي رفضت، رفع العلم المغربي خلال حفلها على منصة السويسي في دورة 2025. هذا الموقف غير المبرر أثار موجة استياء عارمة في صفوف الجماهير التي رأت في تصرفها إهانة لبلد احتضنها وفتح لها أبواب المسارح رغم أفول نجمها وتراجع حضورها في الساحة الفنية العربية.
نانسي عجرم، التي تُعرف أكثر بإطلالاتها التلفزيونية وإعلاناتها التجارية أكثر من إنتاجاتها الفنية الجادة، لم تقدّم جديدًا يُذكر في السنوات الأخيرة، بل أصبحت تُستدعى للمهرجانات فقط لأنها “اسم مألوف”، لا لأنها تضيف شيئًا للمشهد الفني. بل إن كثيرًا من المراقبين يرون أن استدعاء فنانين انتهت صلاحيتهم الفنية هو إهانة للذوق العام، ورسالة سلبية للفنانين المغاربة الصاعدين الذين يعانون من التهميش والإقصاء.
أن ترفض فنانة رفع علم البلد المضيف، رغم التصفيق والدعم والترويج، هو أمر يتجاوز حدود “الذوق”، ويبلغ حدّ قلة الاحترام. فالعلم المغربي ليس قطعة قماش تلوّح بها المجاملة، بل رمز لسيادة وطن وشعب كريم لا يقبل الاستهانة به، مهما كان اسم الضيف.
بعيدًا عن واقعة نانسي، فإن مهرجان موازين بات يُنظر إليه أكثر فأكثر كمهرجان التناقضات: ملايين الدراهم تُصرف على فنانين عالميين وعرب، بعضهم لا يُعرف له أي رصيد فني محترم، في وقت يعيش فيه المواطن المغربي تحديات اجتماعية واقتصادية حقيقية، من بطالة وغلاء معيشة…..
موازين الذي وُلد ذات يوم كفكرة طموحة لجعل المغرب منصة ثقافية دولية، تحوّل اليوم إلى مناسبة للإنفاق المفرط، ولتلميع صور فنانين بلا محتوى، وإقصاء الأسماء المغربية الجادة. وما يثير الغضب أكثر هو غياب الشفافية في تمويل هذا الحدث، حيث لا يعرف أحد كيف تُدار الأموال، ومن يربح، ومن يخسر، ومن يقرّر من يصعد إلى المنصة ومن يُقصى منها.
إذا كانت الجهات المنظمة تعتقد أن جلب أسماء مستهلكة سيُرضي الجمهور، فهي واهمة. المغاربة لم يعودوا يصفقون لأي أحد فقط لأنه “مشهور”، بل يبحثون عن الفن الحقيقي، عن فنانين يحترمونهم ويحترمون رموزهم الوطنية، ويُدركون أنهم لا يقفون على أي منصة لولا دعم هذا الشعب واحتضانه.
وإذا كان البعض يعتقد أن ما حصل مع نانسي عجرم حادث عرضي، فإن ما يُؤلم فعلاً هو أن المهرجان لم يُصدر أي توضيح أو اعتذار، ما يزيد من الإحساس بأن المواطن المغربي مجرد متفرّج صامت في لعبة لا تحترمه، ولا تُمثله.
ما جرى في موازين 2025 ليس مجرد “سقطة” لفنانة عابرة، بل هو عنوان لنهج كامل يُغلب الترف والبهرجة على الذوق والمضمون، ويُقصي الفنان المغربي لحساب أسماء مستهلكة فقدت احترامها حتى في بلدانها.
إن موازين بحاجة إلى مراجعة شاملة، تعيد الاعتبار للكرامة الفنية للمغرب، وتحترم جمهوره، وتضع العلم المغربي فوق كل اعتبار، لا أن يكون مجرّد “إكسسوار” يُقبل به البعض ويرفضه البعض الآخر، دون أن يجد من يحاسبه.