الجواهري: المالية الإسلامية رافعة للاستقرار… والتحديات تتطلب حلولاً مبتكرة
الجواهري: المالية الإسلامية رافعة للاستقرار... والتحديات تتطلب حلولاً مبتكرة

الرباط – أحمد البوحساني
في كلمته خلال افتتاح المنتدى الثالث والعشرين للاستقرار المالي الإسلامي، شدد السيد عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، على ضرورة تعزيز متانة القطاع المالي الإسلامي ومعالجة نقاط ضعفه الهيكلية، في ظل ما يشهده العالم من تحولات اقتصادية وجيوسياسية وتقنية متسارعة.
وفي بداية كلمته، توجه الجواهري بالشكر إلى معالي وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، السيد أحمد التوفيق، على حضوره وإسهامه كضيف شرف في هذا الحدث، منوهاً بدوره في دعم المنظومة التشاركية بالمغرب، ومتابعته الحثيثة لتطور هذا القطاع.
وأوضح والي بنك المغرب أن المنتدى يمثل منصة حيوية لتبادل التجارب والخبرات بين السلطات الإشرافية والعلماء والخبراء، ومناسبة لمناقشة سبل تقوية القطاع الإسلامي في مواجهة تحديات متعددة، أبرزها: التحول الرقمي، تغير المناخ، هشاشة بعض البنى المالية، وتزايد “انعدام اليقين” في السياق الدولي، خاصة بفعل الأزمات في الشرق الأوسط والحرب الروسية الأوكرانية.
وأشار الجواهري إلى أن القطاع المالي الإسلامي يواصل تسجيل نمو ملحوظ، بلغ 14.9% في سنة 2022، وفقًا لتقارير مجلس الخدمات المالية الإسلامية، إلا أن هذا النمو يصاحبه تحديات معقدة تفرض على السلطات الإشرافية ومؤسسات التمويل التكيف باستمرار، عبر تحديث الأطر التنظيمية والرقابية.
وسلط الضوء على أهمية التعاون الدولي وتوحيد الجهود من خلال المنظمات المتخصصة مثل مجلس الخدمات المالية الإسلامية، الذي وصفه بـ”الفاعل المحوري” في دعم هذه الصناعة، من خلال إصدار المعايير وتوفير الدعم الفني والتقني.
وفي ما يخص التجربة المغربية، أشار الجواهري إلى أن نسبة التمويل التشاركي لا تزال محدودة (لا تتجاوز 2% من إجمالي أصول القطاع البنكي)، غير أن بنك المغرب، بتنسيق مع الفاعلين، أرسى منذ 2015 مقومات منظومة مؤسساتية وتشريعية وجبائية متكاملة، بدعم أساسي من المجلس العلمي الأعلى، الذي يضطلع بدور مركزي في توحيد الفتوى وضمان المطابقة الشرعية.
وأكد أن نجاح التجربة المغربية يعكس جدوى اعتماد منهج مبني على “مركزية الفتوى” وتطبيق المعايير الدولية مع مراعاة الخصوصيات الوطنية.
في هذا السياق، طرح الجواهري أربعة تحديات رئيسية تعترض طريق تطوير المالية الإسلامية:
1. المطابقة الشرعية: التي تظل حجر الزاوية لضمان الثقة واستمرارية النمو، وهي ليست مجرد مسألة تقنية، بل تمثل بعدًا استراتيجيًا في تحصين القطاع.
2. تدبير السيولة: حيث تفتقر البنوك الإسلامية إلى أدوات كافية وفعالة لإدارة السيولة، خصوصًا في ظل غياب سوق ثانوية نشطة للصكوك، وضعف المعاملات العابرة للحدود.
3. التمويل المستدام: أكد الجواهري على ضرورة دمج مبادئ التمويل الأخلاقي والبيئي ضمن المنتجات المالية الإسلامية، مشيرًا إلى أن ربط التمويل الأخضر بالإسلامي يمكن أن يسهم في سد فجوة تمويل أهداف التنمية المستدامة، التي تُقدر بـ2.5 تريليون دولار سنويًا.
4. مخاطر الرقمنة: دعا الجواهري إلى تعزيز الحلول الرقمية في القطاع، بالتوازي مع تقوية الرقابة والحكامة لتفادي المخاطر السيبرانية، في وقت أظهر فيه تقرير المجلس المالي الإسلامي لعام 2025 أن رقمنة الخدمات المالية الإسلامية ارتفعت بنسبة 44%.
وفي ختام كلمته، جدد والي بنك المغرب التأكيد على أهمية تكثيف التنسيق والتشاور بين الهيئات الإشرافية الدولية، مشددًا على أن التحديات التي يواجهها النظام المالي الإسلامي اليوم تتطلب استجابات جماعية تراعي الخصوصيات الوطنية، وتستند إلى مبادئ الحوكمة والشفافية والاستباقية.
وقال الجواهري: “إننا بحاجة إلى ترسيخ بيئة مشجعة لنمو هذه الصناعة، وتسخير كل الإمكانات المتاحة لتطوير أدوات تمويل فعالة، مستلهمة من قيم ومبادئ الشريعة الإسلامية، بما يخدم الاستقرار المالي ويسهم في تنمية اقتصاداتنا.”