
الدار/ مريم حفياني
في سياق مشحون بالتوترات وحملات التشويه الإعلامية الصادرة عن النظام الجزائري، اختار فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، أن يرد بلغة الرياضة والإنسانية، موجهًا رسالة واضحة مفادها أن المغرب سيظل أرضًا للضيافة والتسامح، حتى تجاه من يحاولون تشويهه.
وفي حوار خصّ به صحيفة “ليكيب” الفرنسية، أكد لقجع أن “جلالة الملك محمد السادس دأب دائمًا على التأكيد أن المغرب سيظل بلدًا مرحبًا بكل الأشقاء، وفي مقدمتهم الجزائريون”، مضيفًا: “نحتضن منذ سنوات طويلة جالية جزائرية تعيش بيننا في انسجام تام، دون أي تمييز، وهذا دليل على عمق الروابط بين الشعبين الشقيقين”.
هذا التصريح يأتي في وقت تتصاعد فيه الحملة العدائية من قبل النظام الجزائري ضد المغرب، خصوصًا مع اقتراب موعد تنظيم المملكة لبطولة كأس أمم إفريقيا 2025، وهو الحدث القاري الأبرز.
ورغم هذه الأجواء المشحونة، أصر لقجع على توجيه دعوة مفتوحة وصادقة لكل المشجعين الجزائريين، مؤكدًا أنهم سيكونون موضع ترحيب واحتضان، سواء قدموا من الجزائر أو من الجاليات المنتشرة في أوروبا والعالم.
يحمل موقف لقجع أكثر من رسالة، فهو لا يكتفي بالتأكيد على الجاهزية التنظيمية والرياضية للمغرب، بل يبعث بإشارة قوية على أن المغرب يميّز بين الخلافات السياسية الظرفية والعلاقات التاريخية والثقافية بين الشعوب المغاربية. ففي الوقت الذي تتعامل فيه الجزائر مع الرياضة كأداة للصراع السياسي، يصر المغرب على إبقائها فضاءً للتقارب الإنساني، متجاوزًا الاستفزازات الرسمية ومراهنًا على وعي الشعوب.
رسالة لقجع تنسجم تمامًا مع السياسة الخارجية للمملكة، التي تضع حسن الجوار والشراكة الإقليمية في صلب أولوياتها، حتى مع دول تتبنى مواقف عدائية تجاهها. كما تعكس روح التنظيم المغربي للبطولات القارية، والتي لطالما تميزت بالحفاوة والانفتاح على كل الوفود المشاركة، دون استثناء.
ومع اقتراب انطلاق العرس الكروي الإفريقي في صيف 2025، يؤكد المغرب مرة أخرى أنه جاهز ليس فقط على المستوى اللوجستي والتقني، بل أيضًا على مستوى القيم والمبادئ التي تجعل من الرياضة جسرًا للسلام، لا ساحة للتفرقة.
وفي وقت يصر فيه البعض على بناء الجدران، يواصل المغرب مدّ الجسور، واضعًا نصب عينيه أن الشعوب المغاربية، وعلى رأسها المغرب والجزائر، لها من التاريخ المشترك والروابط الإنسانية ما يجعل تجاوز الخلافات أمرًا ممكنًا، بل وضروريًا.