المجموعات النسائية عوالم مغلقة على الفيسبوك
الدار/ فاطمة الزهراء أوعزوز
تشكل مواقع التواصل الاجتماعي اليوم، الوجهة البديلة التي يلجأ إليها مجموعة من الفاعلين والأفراد في المجتمع، غير أن الملمح البارز الذي أصبح يهيمن على الاستعمال اليومي لهذه المنصات الرقمية، هو الحضور البارز والطاغي للمجموعات النسائية على مستوى هذه العوالم الرقمية، حيث تتعدد المواضيع والنقاشات التي يتم تداولها، أكثر من ذلك فإنها تصبح في العديد من الحالات مجالا للدخول في النقاشات المحظورة خصوصا من الناحية الأمنية، أو تكون مجالا للترفيه وتبادل بواعث الهزل الذي لا تحمد عقباه في الكثير من الحالات. موقع "الدار" يبحث الموضوع.
إن متصفح الحوامل الرقمية، خصوصا منها الفيسبوك والواتساب، يدرك أنها أصبحت تعد بمثابة البديل الرقمي الذي يتم الاعتماد عليه بهدف خلق فضاءات مغلقة يتم التداول على مستواها أهم الأخبار التي تستهوي كل فئة على حدة، غير أن المثير للانتباه في هذا السياق هو انتشار المجموعات المغلقة التي تخص النساء فقط، حيث يتم الانفتاح على العديد من المواضيع النسائية والتي تخص أيضا الحياة الزوجية، غير أنها وفي أكثر من حالة تنزاح هذه النقاشات عن العرف الجاري به العمل لتقع في المحظور.
تحدي"داعش" يجر نساء الفيسبوك إلى الشرطة
في هذا الصدد قامت إحدى المجموعات الفيسبوكية، التي تجمع عددا كبيرا من النساء، بوضع تحدي موجه لأزواج النساء اللواتي يشرفن على تدبير هذه المجموعة، والأمر يخص إرسال رسالة مجهولة للزوج في محاولة إقناعه للالتحاق بتنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، ما أثار حفيظة أحد هؤلاء الأزواج، ليتوجه إلى الشرطة ليقدم طلب الحماية الأمنية، بعدما استشعر خطرا يتهدده، ما أدى إلى جر جميع الزوجات الفاعلات في المجموعة الافتراضية إلى الوقوف أمام العدالة، على إثر التحقيق الذي باشرته الشرطة في أفق معرفة ملابسات الموضوع.
ويعتبر هذا السلوك مجرد ملمح بسيط يختصر وجود نوع من الفوضى في استعمال شبكات التواصل الاجتماعي، خصوصا حينما يتم استعمالها من قبل أشخاص يجهلون الانعكاسات السلبية التي يمكن أن تترتب عن سوء تدبير واستعمال المنصات الرقمية، أكثر من ذلك فإنها تغدو عاملا أساسيا في التفكك الأسري، والوقوع في شباك الجريمة الإلكترونية، بفعل التهديد والابتزاز ومحاولة التشهير التي تتم عن طريق الاستلاء على الصور والمعلومات الشخصية للفرد لأنها متاحة على مستوى الحساب الشخصي للطرف المعني بالأمر.
مواقع التواصل الاجتماعي…سيف ذو حدين
حليمة مدغري، واحدة من النساء اللواتي يشرفن على تدبير إحدى المجموعات الفيسبوكية، التي تجمع عددا مهما من النساء، وتعنى بمناقشة مواضيع نسائية، وأخرى تعنى بالعلاقات الزوجية، وتحمل المجموعة عنوان"مغربيات خاص بالحياة الزوجية"، وتقول حليمة إن الفيسبوك يعتبر فضاء مهما يشهد العديد من النقاشات التي تهم مجالات مختلفة من الحياة.
وأشارت إلى أن هذه المجموعة تعرف توافدا وإقبالا يوميا لا يمكن وصفه إلا بالمهم، خصوصا وأنه يستأثر باهتمام النساء من مختلف الفئات العمرية، كما أنه لا يقتصر على ربات البيوت إنما يتميز بتوافد النساء المثقفات والحاصلات على شواهد عليا، وهو الأمر الذي يظهر بجلاء من خلال النقاشات المثمرة التي يتم تناولها، أكثر من ذلك يتم طرح الإشكالات التي تؤرق كل سيدة على حدة، وتتم مناقشتها بالكثير من الحرص والجدية، وأضافت أن الهدف من تشكيل المجموعة قيد الحديث هو خلق فضاء مهم للتواصل.
في السياق ذاته، تقول حليمة إن هذه التجمعات الافتراضية تعتبر سيفا ذو حدين، خصوصا وأن المكتسبات الإيجابية التي تحققها لا تلغي الجوانب السلبية التي تؤثر على النقاش في بعض الأحيان وتجعله يتخذ اتجاها معاكسا، مشيرة أنها تحرص دائما على مراقبة المنشورات التي يتم بثها في المجموعة، وكثيرة هي الحالات التي تقوم بحذف الإعلانات التي تتضمن مضامين محرضة على الكراهية أو الإرهاب كونها تشكل تهديدا للأمن والاستقرار الداخلي للمجتمع، الأمر الذي يكون محظورا أثناء النقاشات العامة المتضمنة في المجموعة.
"استعمال المنصات الرقمية يستلزم ثقافة رقمية"
بدوره، محمد عبدالوهاب العلالي، الأستاذ الباحث في الإعلام الرقمي، إن التطور الكبير الذي عرفته المنصات الرقمية فرض مجموعة من التغييرات الجذرية التي شملت الاستعمالات اليومية للفيسبوك، والذي أصبح مجالا رحبا للتعبير عن العديد من الآراء، كونه يحتمل النقاشات الحرة التي لا تعترف بحدود التعبير عن الرأي، اعتبارا لكونها مجالات غير مقيدة وتتميز بهامش مهم من الحرية، مشيرا أن الاستعمال المقنن للحرية هو الأمر الذي يفضي في الكثير من الحالات إلى الانزياح عن العرف المسموح به ويتم تداول مجموعة من المواضيع التي يحظر الخوض فيها.
وأضاف أن ثقافة الفئة التي تقبل على استعمال هذه الوسائط هو الأمر الذي يعتبر الفيصل الحكم في هذا السياق، اعتبارا لكون أن استعمال الشبكات الاجتماعية حينما يحتكم لمجموعة من المبادئ يفضي إلى نتائج إيجابية، غير أن هذا الاستعمال حينما يحتكم لمعلومات ومفاهيم مغلوطة في الاستعمال، تكون النتيجة سلبية حيث يتم الوقوع في الاستعمال الخاطئ لهذه الوسائط، أكثر من ذلك فقد أشار أن الاستهتار بخطورة هذه الوسائل التكنولوجية وسوء استعمالها يفضي لمجموعة من المخاطر التي لا يجب أن يستهان بها.