سلايدرمغرب

الحسن الثاني ومانديلا.. ذاكرة دعم مغربي مبكر لحركة تحرير جنوب إفريقيا قبل أن يعترف بها العالم

الدار/ مريم حفياني

قبل أن يخرج اسم نيلسون مانديلا من ظلمة الزنازين إلى شاشات العالم، وقبل أن تتسابق الدول لتحيته بصفته رمزًا للحرية والنضال، كان المغرب، بقيادة الملك الراحل الحسن الثاني، أحد أوائل الداعمين لقضيته، حين كان كثيرون يترددون في مجرد ذكر اسمه.

في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، حين كان نظام الأبارتهايد يمارس أبشع أشكال التمييز العنصري في جنوب إفريقيا، لم يتردد المغرب في مدّ يد العون لحركة “المؤتمر الوطني الإفريقي” التي كان مانديلا من أبرز قادتها. الدعم لم يكن شكليًا ولا محدودًا بخطابات التضامن، بل تجسّد فعليًا في توفير التدريب والدعم المالي والدبلوماسي للمناضلين، واحتضانهم سياسيًا في المحافل الدولية.

الملك الحسن الثاني تبنى موقفًا شجاعًا في مرحلة حساسة، حيث آمن بعدالة النضال ضد العنصرية، واعتبر تحرير جنوب إفريقيا جزءًا لا يتجزأ من مشروع التحرر الإفريقي الذي كان المغرب يسهم في بنائه منذ استقلاله. وقد حافظت الرباط على علاقات متينة مع قيادات “المؤتمر الوطني الإفريقي” في عزّ أزمتهم الدولية، وفتحت أبوابها للمنفيين والمناضلين.

مانديلا نفسه لم ينسَ هذا الموقف، وعبّر عنه في مناسبات متعددة بعد إطلاق سراحه، مؤكدًا أن المغرب لم يكن مجرد داعم سياسي، بل كان أحد ركائز الصمود الإفريقي في مواجهة نظام عنصري مغلق. وخلال زيارته الرسمية إلى الرباط في التسعينيات، أصر مانديلا على لقاء الملك الحسن الثاني والتعبير عن شكره العميق، واصفًا الدعم المغربي بأنه “من نوع نادر في زمن عزّ فيه الأصدقاء”.

هذا الدعم التاريخي الذي قدمه المغرب لمانديلا لم يكن فقط لحظة تضامن عابرة، بل كان يعكس رؤية استراتيجية ترى في استقرار إفريقيا وتحرر شعوبها مصلحة جماعية تتطلب شجاعة ووضوحًا. واليوم، في سياق الحديث عن الدبلوماسية المغربية وأدوارها القارية، تبقى علاقة الحسن الثاني بمانديلا شهادة صادقة على التزام المغرب المبكر بقضايا الحرية والكرامة في إفريقيا، بعيدًا عن الحسابات الظرفية أو المكاسب المرحلية.

زر الذهاب إلى الأعلى