
الدار/ كلثوم إدبوفراض
قبل خمسين عامًا، وتحديدًا في شتنبر 1975، شهد مستشفى الحسن الثاني بمدينة سطات لحظة تاريخية بوصول أول فريق طبي صيني إلى المغرب، قادمًا من مدينة شنغهاي بتكليف من وزارة الصحة الصينية.
وشكل هذا الحدث، انطلاقة حقيقية لتعاون صحي طويل الأمد بين البلدين، أصبح نموذجًا للعلاقات جنوب–جنوب، وقاعدة صلبة لبناء جسور إنسانية وثقافية بين الشعبين.
ذلك الفريق لم يكن سوى أولى دفعات طبية متعاقبة، بل تجاوز عددها إلى غاية 2023 نحو 195 بعثة ضمت حوالي 2000 طبيب وممرض صيني، موزعين على مستشفيات ومراكز صحية في مناطق عدة من المغرب، من بينها المحمدية، تازة، شفشاون، أكادير، مكناس، وبنجرير، إضافة إلى سطات التي احتضنت أول نقطة طبية دائمة منذ انطلاق المبادرة.
وقدمت الفرق الطبية الصينية طوال هذه العقود خدماتها، لأكثر من 580 ألف مريض في العيادات والطوارئ، وأجرت ما يزيد عن 530 ألف عملية جراحية ناجحة، إلى جانب إشرافها على أزيد من 80 ألف حالة استشفاء، لتجسد هذه الأرقام ترجمة فعلية لروح التعاون والتضامن الذي يربط البلدين.
وفي أبريل 2023، تم تدشين مقر جديد لفريق سطات الطبي بحضور السفير الصيني ومسؤولين مغاربة، في حفل رمزي تخلله غرس شجرة صداقة، تأكيدًا على عمق العلاقة الممتدة بين الجانبين.
وفي يوليو 2025، توّجت هذه المسيرة بإطلاق “مشروع المركز الصيني للطب التقليدي”، وهو مركز يعنى بالتكوين والعلاج بالطب البديل، ويهدف إلى تعزيز التبادل الصحي بشمال إفريقيا.
منذ بداية هذا التعاون، عبرت فرق المساعدة الطبية الصينية الجبال والبحار، حاملةً معها كفاءتها الطبية وروحها الإنسانية، واليوم، بعد مرور نصف قرن، لا تزال هذه القوافل الصحية تؤكد التزامها ببناء مستقبل مشترك بين الصين والمغرب، في ظل رؤية عالمية تقوم على التضامن، المعرفة، والتكامل الحضاري.