“ولد خالة مع مول الباش”… نسخة جزائرية في قمة أكرا

بقلم: ذ/ الحسين بكار السباعي
في مشهد أقرب إلى الكوميديا السياسية السوداء، أطل عبد القادر الطالب عمر، ممثل جبهة بوليساريو، وهو يتسلل إلى قاعة قمة الأحزاب السياسية الإفريقية بأكرا، متخفيا خلف الوفد الجزائري، كما يتخفى “ولد خالة” خلف صاحب الباش في وليمة لم يدع إليها أصلا. يافطته الشاذة وسط قاعة تعج بأعلام القارة لم تكن سوى بطاقة دخول مزيفة، تحاول الجزائر من خلالها تهريب كيانها الورقي إلى فضاء لم يعد يعترف به حتى على سبيل المجاملة.
المفارقة المضحكة أن هذا العرض المسرحي جاء في بلد أعلن منذ يناير 2025 تعليق اعترافه بما يسمى “الجمهورية الصحراوية”، واعترافه الصريح بجدية مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية. في ظل هذا الواقع المثير للسخرية السياسية بدا حضور بوليساريو في أكرا مثل متطفل على مأدبة أزيلت أطباقها منذ زمن، ولم يبق على الطاولة سوى الفتات الرمزي الذي تحاول الجزائر لملمته لجردانها.
لكن خلف هذا المشهد الهزلي تختبئ مأساة دبلوماسية جزائرية آخذة في الانكماش، فالحاضنة الإفريقية للبوليساريو تتبخر تباعا، والدول التي كانت يوما تصفق للوهم باتت تسحب أو تجمد إعترافها به. أما الجزائر فبدلا من مراجعة خطابها المهترئ، تمعن في أسلوب التسلل من الأبواب الخلفية، وكأنها لم تدرك أن التاريخ لا يكتب في الكواليس، بل على المنصات التي صارت حكرا على المغرب وحلفائه.
ختاما إنها لحظة مهزلة بامتياز، حيث تتراجع الدبلوماسية الجزائرية من وضع المهاجم إلى وضع المدافع اليائس، و تتحول المؤتمرات من منصات للتأثير إلى مسرحيات عبثية تزيد من رصيد الفشل. وبينما يراكم المغرب إنتصاراته في القارة السمراء بتحالفات إستراتيجية صلبة، لا تجد الجزائر سوى أن تدفع بـ”ولد خالتها” بإعتبارها صاحبة “الباش” إلى الصفوف الأمامية، على أمل أن يصدّق الحضور أن الدعوة كانت أصلا باسمه.
ذ/ الحسين بكار السباعي
محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان
خبير في نزاع الصحراء المغربية.