رشيد مباركي.. من إقصاء في فرنسا إلى عودة قوية عبر شاشة “ميدي1 تيفي”…

الدار/ إيمان العلوي
بعد أشهر من الغياب القسري عن الساحة الإعلامية الفرنسية، يعود الصحفي الفرنسي – المغربي رشيد مباركي بقوة من خلال قناة “ميدي1 تيفي”، التي فتحت له فضاءً رحباً لتقديم برنامج صباحي تحليلي يبث من الاثنين إلى الجمعة، جامعاً بين الخبرة الدولية والالتزام بقضايا وطنية يعتز بالدفاع عنها.
قصة مباركي تعكس مسار صحفي عاش تجربة استثنائية بين فرنسا والمغرب. فقد تدرج لسنوات في مهنة المتاعب داخل أبرز القنوات الفرنسية، بينها “بي إف إم تيفي”، حيث لمع اسمه كمذيع نشرة وصحفي مرموق قادر على إدارة الحوارات الكبرى وتغطية الأحداث الدولية. غير أن مساره اصطدم بلحظة مفصلية حينما عبّر بوضوح عن دعمه لمغربية الصحراء، وهو ما اعتُبر تجاوزاً لـ”الخطوط الحمراء” داخل مؤسسة إعلامية كثيراً ما وُصفت بميولها المعادية للمغرب.
إقصاء مباركي من “بي إف إم تيفي” أثار حينها جدلاً واسعاً في فرنسا والمغرب معاً، إذ اعتبره كثيرون عقاباً على حرية الرأي، بينما رأى آخرون أنه دليل على ازدواجية المعايير داخل الإعلام الفرنسي الذي يدّعي الحياد لكنه يمارس رقابة مقنّعة على من يخالف خطه التحريري. وقد تزامن هذا مع حملة استهدفت شخصيات إعلامية وسياسية عبّرت عن مواقف داعمة للمغرب في قضية الصحراء، ما جعل قرار إبعاده محاطاً بكثير من التساؤلات.
قبل هذه الواقعة، كان مباركي قد أثار الانتباه بمساره الطويل في الإعلام الفرنسي، حيث شارك في تغطية أحداث بارزة مثل الانتخابات الرئاسية، وأزمات الشرق الأوسط، والنقاشات الكبرى حول الهجرة والاندماج. وقد عُرف عنه هدوؤه، وصوته الرصين، وحرصه على تقديم الأخبار بلغة بسيطة وعميقة في آن واحد.
اليوم، اختار مباركي أن يستعيد زمام المبادرة عبر شاشة “ميدي1 تيفي”، القناة المغربية التي تبث نحو الضفتين المتوسطية والأفريقية. برنامجه الجديد لا يكتفي بتقديم الأخبار، بل يغوص في التحليل وتفكيك الخلفيات السياسية والاقتصادية، مقدماً رؤية مختلفة عن السائد في الإعلام الغربي. وهو بذلك يضع خبرته رهن إشارة الجمهور المغربي والعربي والأفريقي، في لحظة تتقاطع فيها التحديات الجيوسياسية والإعلامية.
رمزية عودته لا تقف عند حدود مهنية، بل تحمل رسائل سياسية أعمق: فالمغرب لا يكتفي بدعم كفاءاته، بل يعيد الاعتبار لأصوات تعرضت للتهميش لأنها دافعت عن قضاياه العادلة. كما أن التجربة تسلط الضوء على مفارقة صارخة: في بلد كفرنسا، حيث يرفع شعار حرية التعبير، يجد الصحفي نفسه مبعداً لمجرد التعبير عن موقف سياسي، بينما في المغرب يجد مساحة أرحب ليواصل عمله بلا قيود.
رشيد مباركي اليوم يمثل نموذجاً لإعلامي لم يساوم على قناعاته، ويدشن مرحلة جديدة عنوانها الاستقلالية المهنية والالتزام الوطني. عودته عبر “ميدي1 تيفي” ليست مجرد انتقال من قناة إلى أخرى، بل هي محطة تؤكد أن الأصوات الحرة لا تموت، بل تعود دائماً أكثر قوة وتأثيراً.