
الدار/ كلثوم إدبوفراض
نظمت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، اليوم الخميس 11 شتنبر 2025، جلسة رفيعة المستوى مخصصة لمستقبل العلاقات الاورومتوسطية بحضور شخصيات بارزة في ضفتي المتوسط، إضافة إلى خبراء وباحثين ومراكز تفكير من الاتحاد الأوروبي ودول جنوب المتوسط.
ويأتي هذا الحدث الاستراتيجي، قبيل الذكرى الثلاثين لإعلان برشلونة المرتقب انعقاده يوم 29 نونبر المقبل، في إطار التزام المملكة بدورها المحوري كفاعلة رئيسة في تعزيز التعاون بمنطقة البحر الأبيض المتوسط.
وافتتح الجلسة كل من السيد الوزير ناصر بوريطة، ودوبرافيكا شويكا، المفوضية الأوروبية المكلفة بشؤون البحر الأبيض المتوسط.
وأشار ناصر بوريطة في كلمته الافتتاحية، أن منطقة البحر الأبيض المتوسط تواجه تحديات وجودية تستدعي معالجة جماعية ورؤية استراتيجية متجددة، مبرزاً أن المغرب بحكم موقعه الجغرافي واستثماراته في مجالات الطاقة وشراكته مع الاتحاد الأوروبي في مجال التنقل، يظل فاعلاً أساسياً في صياغة مستقبل هذا الفضاء المشترك.
وأوضح بوريطة، أن السياسة الخارجية للمملكة، كما رسم ملامحها الملك محمد السادس، ترتكز على قيمتي الوضوح والاحترام، مشيراً إلى أن التجربة الأورومتوسطية، رغم ما أفرزته من نجاحات وبرامج، ما تزال دون مستوى التطلعات المشتركة.
وأكد أن الحاجة باتت ملحّة لتحديد هوية واضحة للفضاء الأورومتوسطي، بما يضمن شراكات متوازنة واستقراراً إقليمياً حقيقياً.
وفي تشخيصه للتحديات، أشار الوزير إلى خمسة محاور أساسية؛ أولها غياب هوية مشتركة جامعة، وثانيها اختلال ميزان الشراكة بين شمال وجنوب المتوسط، وثالثها ضعف التنسيق في مواجهة الأزمات كما أظهرت جائحة كوفيد وحرب غزة، إلى جانب غياب إدارة جماعية للأزمات، وأخيراً تحول الفضاء الأورومتوسطي أحياناً إلى أداة سياسية للتجزئة بدل الوحدة.
واستعرض بوريطة خلال الخلوة، ثلاثة سيناريوهات مطروحة لمستقبل هذا الفضاء: مقاربة تكنوقراطية محدودة الأثر، وخيار تحويلي قائم على بناء هوية مجتمعية ومأسسة حوار مستدام بين أوروبا والمتوسط وإفريقيا، ثم نهج براغماتي واقعي يركز على التقدم الملموس. وأكد أن المغرب يميل إلى المقاربة التحويلية باعتبارها السبيل الأنجع لتشييد فضاء متوسطي متكامل وآمن.
وفي هذا السياق، طرح الوزير أربعة محاور عمل كبرى:
أولها تأمين الموارد الاستراتيجية من طاقة وأمن غذائي ومشاريع ربط مثل أنبوب الغاز، وثانيها ربط إفريقيا بالفضاء الأورومتوسطي، وثالثها جعل تنقل الشباب والكفاءات فرصة للتنمية المشتركة لا تهديداً، ورابعها ترسيخ حوار سياسي قائم على الثقة والشفافية. وفي الأخير دعا إلى إنشاء صندوق أورومتوسطي يهدف إلى دعم الدول التي تواجه أزمات كبرى بشكل طارئ، وذلك عبر تعبئة موارد تمويلية من مصادر استثمارية متعددة.
وختم بوريطة مداخلته، بالتأكيد على أن مستقبل المنطقة المتوسطية ليس قدراً مفروضاً، بل خياراً جماعياً ينبغي حسمه الآن، وأن المغرب، انطلاقاً من موقعه ودوره، ملتزم بتعزيز هذا المسار بما يخدم الأمن والاستقرار والازدهار المشترك بين ضفتي المتوسط.