أخبار الدار

في حوار مع “الدار”.. بوكوس: أمد 15 سنة لترسيم الأمازيغية مبالغ فيه.. وهذه ملاحظاتنا على قانون تفعيلها

الرباط / مريم بوتوراوت‎

أكد أحمد بوكوس، عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، على أن مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية يبقة نصا أيجابيا بالرغم من الملاحظات التي يطرحها، مؤكدا في حواره مع "الدار" على أن الأمازيغية كانت ضحية "تماطل" في تنزيل النص، الأمر الذي تسبب في تقهقر في أوضاعها.

• كيف ترون المصادقة على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالأمازيغية، والمجلس الوطني للغات، وهل أنتم راضون عن هذين النصين؟
كما نعلم جميعا الفصل الخامس من الدستور يتحدث على هذين القانونين التنظيميين، في ما يتعلق بمشروع القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وحتى قانون مجلس اللغات، والذي كان من المنتظر حسب البرنامج الذي أعلن عنه رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران أن يتم التعامل مع النصين على أن لهما صفة استعجالية بالنظر لكونهما يشكلان قانونين مهيكلين للسياسة العامة للدولة، لكن مع الأسف إصدار هذين النصين حينها، اليوم هذين القانوين سيريان النور عما قريب.
وفي ما يتعلق بمحتوى النصين،  نعتقد في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية أنهما يشكلان قفزة نوعية  في مجال تدبير الدولة للشأن الثقافي وخاصة ما يهم الثقأفة واللغة الأمازيغيتين.
بالنسبة لقانون تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، بالفعل نحن نحتاج إلى قانون يؤطر السياسة اللغوية والثقافية للمغرب في مجال الأمازيغية، لأن هناك بعض المعيقات التي تهم تعميم تدريس الأمازيغية، فتقريبا كل المؤسسات التي تعنى بالتعليم والتكوين علقت جميع المشاريع التي تهم هذا الموضوع، فمثلا عدد التلاميذ ما يزال جامدا، تقريبا 450 ألف إلى 500 ألف تلميذ، كما أن عدد الأساتذة تقلص وكذا عدد المفتشين، اذن بشكل عام يمكن إن نقول أنه بسبب التماطل في استصدار هذين النصين أوضاع الأمازيغية عرفت نوعا من التقهقر، بالقياس مع الأوضاع التي كانت عليها قبل الدستور، وهذا مفارقة.
اليوم تم تجاوز هذا الأمر. سؤال هل المعهد راض على ما جاء في المشروع، عموما يمكن أن نقول أنه في المرحلة المقبلة سيسهم في حل عدد من المعضلات التي واجهتها الأمازيغية بصفتها لغة رسمية بجانب اللغة العربية،  ذا نظرنا الى هذا المشروع فهو يفرض الاستعمال القانوني والمؤطر في مجالات التعليم والإعلام والإدارة والصحة والتنمية والعدل، بحيث تصبح الأمازيغية لغة تداول وتواصل بينالمواطنين والمسؤولين في هذه القطاعات.
هذا القانون سيمكن الأمازيغية من أن تكون لها المكانة التي يجب أن تتبوأها كلغة رسمية في منظومة التعليم والتكوين. اذن من المنطقي أن عدد التلاميذ سيزداد وعدد الاساتذة والمدارس والتكوينات…كذلك بالنسبة للإعلام نتمنى بأن هذا القانون سيحث القائمين على هذا القطاع لتكون اللغة الأمازيغية حاضرة لغة وثقافة وحضارة في القطاع العمومي. نتمنى كذلك أن القنوات تعطي الأمازيغية قسطا أهم للبرامج باللغة الأمازيغية، لأنها لغة المغاربة كلهم وليست خاصة بساكنة معينة كما قال الملك محمد السادس في خطاب أجدير.
وهذه السياسة الجديدة التي جاء بها صاحب الجلالة هي التي أعطت دفعة هائلة للأمازيغية، ونتمنى أن اصدار هذا القانون سيعطي دفعة أكبر للأمازيغية.

• ما هي ملاحظاتكم على القانون المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية؟
في المادة الأولى للمشروع هناك محاولة للتعريف باللغة الأمازيغية، ما هي اللغة الأمازيغية، وحسب ما تم التنصيص عليه في المشروع اللغة الأمازيغية هي مجموع التعبيرات اللهجية المحلية والجهوية، في حين أن المعهد منذ إنشائه اشتغل على اعداد لغة أمازيغية معيار مشتركة، ليست خاصة بالشمال أو الوسط أو الجنوب، بل لغة موحِدة وموحَدة.
الملاحظة الثانية تتعلق بالتعليم، هناك حديث على إلزامية تعليم وتعلم الأمازيغية على مستوى التعليم الابتدائي فقط، ونحن دافعنا في مذكرتنا لرئيس الحكومة السابق والحالي ولرؤساء الغرفتين واللجان على فكرة نقول فيها على أن اللغة المعيار هي مؤسسة أصلا على المعطيات الجهوية، لكن أخذنا بعين الاعتبار البنيات اللغوية من حيث النطق والمعجم والصرف والتركيب البنيات المشتركة بين تاريفيت وتامزيغت وتاشلحيت، اذن هذه ليست لغة مختبرية او اصطناعية خلقها المعهد، الجديد في هذه اللغة المعيار هو فقط المصطلحات التقنية ككاميرا وغيرها من المصطلحات غير الموجودة في تاريفيت وتامازيغت وتشلحيت ونعمل ما عمله الخبراء في مجال اللغة العربية كذلك، في أشغال معهد دراسات التعريب، فأنجزوا مصطلحات في المجالات التقنية المختلفة، وهذا ما حاول المعهد الاشتغال عليه منذ سنوات.
اذن اللغة الأمازيغية لغة مشتركة موحدة مبنية على البنيات المشتركة للهجات، لكن تم إغناؤها بفضل قواميس ومصطلحات تقنية مستحدثة.
ملاحظتنا الثالثة هي أن أمد 15 سنة ليتم إدخال اللغة الأمازيغية في جميع القطاعات وتصبح لغة للتداول ولغة للاشتغال، هو أمد مبالغ فيه، لا سينا وأنه ما بين 2012 و2019 سبع سنوات خسرتها الأمازيغية، كان من المنطقي والمعقول أن هذه السنوات السبع يتم فيها الاشتغال فيها على الأمازيغية، لتپقى ثماني سنوات فقط من يومنا هذا. اذن تفعيل مقتضيات القانون التنظيمي للأمازيغية في نظرنا يجب أن يكون في أمدين كل أمد في أربع سنوات.
ملاحظتنا الرابعة في ما يتعلق بتوظيف الأمازيغية في مجال العدل والعدالة، نحن نعرف أنه في هذا المجال هناك كوارث، لأنه هناك أناس تتم محاكمتهم وهم لا يعرفون ما يحدث، ولا يفهمون لغة القاضي ولا المحامي لأنهم يستعملون لغة عربية فصيحة ومصطلحات ليست معروفة لدى الجميع، ونعتقد على أن المبادرة لتكوين مترجمين للأمازيغية يمكن أن يتم في مرحلة أولى، لكن الأجدى أن نكون شبابا من خريجي الدراسات الأمازيغية في مختلف الجامعات المغربية ويتم توظيفهم ويقوموا بهذه العملية.
بالإضافة إلى أن المعهد يرى أن الأمازيغية لا بد أن تصبح في يوم من الأيام لغة تواصل كتابي وليس شفهيا فقط، يعني المقررات والمحاضر تتم استنساخها باللغة الامازيغية.

• وبالنسبة للمجلس الوطني للغات؟
بالنسبة لهذا النص هو بادرة جيدة جددا لأن بلادنا تحتاج إلى جهاز مؤسساتي يفكر في صياغة السياسة اللغوية والثقافية في بلادنا في مرحلة معينة. قبل هذا كانت هناك مؤسسات ولكن مؤسسات ليس لديها ما يكفي من الصلاحيات وما يكفي من آليات الاشتغال ومن موارد بشرية لتقوم بهذا العمل، المعهد كان منوطا به التفكير في موضوع الأمازيغية، معهد دراسات التعريب موكول له أن يقوم بنفس الأمر في ما يتعلق باللغة العربية، ولكن كانت هناك محدودية في تحديد صلاحيات ومهام كل مؤسسة. وما كان ينقص أكثر هو التنسيق بين المؤسستين.
هذا المجلس سيقوم بضم المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، الى جانب أكاديمية اللغة العربية إلى جانب هيئة تتكلف باللغات الأجنبية وهيئة أخرى منوط بها النهوض بالتعبيرات الثقافية المختلفة في بلادنا، إذن المعهد سيجد نفسه مع مؤسسات أخرى.
ملاحظتنا الأساسية على هذا النص هو أن النص الذي اطلعنا عليه يقول بأن المجلس الوطني للغات هو الذي سيحتكر الموارد المالية، وهي مهمة جدا، والموارد اللوجيستيكية، وهذا الأمر سيحد من فعالية المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، لأنه دون موارد مالية سيصعب على الباحثين أن يتوفروا على فرص ليقوموا بمهام خارج الوطن وسيصعب على المعهد أن ينشر العدد الهائل من الإصدارات التي يصدرها اليوم…هذا من شأنه أن يضر بالمعهد، لكن إذا كان الأمر يتعلق بإحداث مؤسسة مركزية منوط بها النهوض بسائر اللغات في المغرب وحماية اللغتين الرسميتين هذه فكرة هائلة.
•هل تعتقدون أن هذا النص من شأنه أن يحجم "الإيركام"؟
أعتقد أنه إذا لم ننتبه ولم تكن هناك روح الوئام والتناظر والاستشارة الموسعة للاستماع إلى آراء العاملين في المؤسسات كلها يمكن أن يقع ذلك، وهذا أمر يجب أن نتفادى أن نخلق جوا متوترا نحن في غنى عنه.

• هل توافقون الطرح الذي يقول أن القانون التنظيمي للأمازيغية يمثل تراجعا؟
لا يمكن أن نقول هذا الكلام، لأن مصطلح التراجع يعني تراجعا على ما تم ترصيده خلال المرحلة السابقة. وقلت في كلامي أنه في المرحلة السابقة حققت الأمازيغية مجموعة من المنجزات، لكنها وصلت لنفق ومرحلة بدأنا نرى أنه هناك تقهقر في مجال التعليم والإعلام..هذا القانون يجب أن يكون قانونا فعليا وليس فقط حبرا على ورق، وعلى الجميع أن يستبطن هذا الأمر ويستوعب المستجدات في مجال السياسة الثقافية واللغوية التي جاء بها الملك محمد السادس، والتي تشكل مفخرة بالنسبة لوطننا.
•هل تفكرون في خطوات لتطوير هذا القانون أو على الأقل أن يكون فيه مراعاة لهذه الملاحظات؟
ما نتمناه أن تسن السلطة التنفيذية مقاربة تشاركية فعلية، وتتم استشارة ذوي التخصص الذين يتوفرون على معارف كافية ليدلوا بآرائهم، لأن هذا عالم معرفي "عندو الناس ديالو"، لا يمكن أن أضع في نفس المستوى شخصا ذا أبحاث في مجال علوم التربية وإنسانا عاديا يتكلم بعاطفته قبل كل شيء، والعاطفة تحمل خلفيات ايديولوجية.
إذن هذا الأمر لا بد أن يوكل إلى أهل المعرفة وذوي الدراية في هذا المجال.

• ألا ترون أن الاقرار بالتناوب اللغوي في القانون الإطار يمكن أن يضر بالأمازيغية في التعليم؟
حين نتحدث عن موقع الأمازيغية في المدرسة المغربية لا بد أن نميز بين أمرين، الأمر الأول هو توظيف الأمازيغية كلغة، هذا موضوع، الموضوع الآخر هو استعمال لغة معينة كأداة لتدريس المواد الأخرى التي تنتمي لحقل العلوم الاجتماعية والإنسانية، مثلا التاريخ والجغرافيا والتربية الوطنية والتربية الدينيةالانثروبولوجيا الثقافية..في اعتقادنا في المعهد أنه سيأتي وقت تكون فيه الأمازيغية تتوفر على هذه المصطلحات على المستوى الجهوي ولم لا على المستوى الوطني تصبح لغة لتلقين هذه المواد، أما بالنسبة لتلقين العلوم مستبعد أن تكون الأمازيغية أداة لتمرير هذه المعارف. 
بلادنا تحتاج إلى مواطنين متمكنين من اللغات الأجنبية، خاصة من يلجون مستوى معين من مجال البحث العلمي، البحث العلمي في العالم اليوم يتم باللغة الانجليزية، وحتى الفرنسية، حتى الفرنسيين باحثين اليوم في مجال التكنولوجيات الحديثة ومجال العلوم بشكل عام هم الآن يوظفون اللغة (مونتاج الامازيغية) الانجليزية كلغة للعلوم أتصور أن الحل الذي وصلت اليه العبقرية المغربية في ما يتعلق  بالتناوب خيار صحيح، "نعطيو الفرصة للطالب أنه يختار"، الطالب من 18 سنة فما فوق، يكون راشدا ويفكر ولديه ما يكفي من المعطيات هو من يجب أن يتم منحه حرية أن يختار ماذا يريد، أراد العربية كلغة لتلقين العلوم هو يتحمل مسؤوليته، أراد الفرنسية أو الانجليزية يتحمل مسؤوليته كذلك
ولكن على الدولة أن تنور الطلبة في هذا المجال، اذن لا نترك الطلبة يختارون بشكل عشوائي ولكن تكون حلقات لاستيضاح جميع جوانب هذا الاشكال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنان × 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى