أخبار الدارالمواطنسلايدر

الشباب بين الوعي والمخاطر: مسؤولية وطنية مشتركة

الشباب بين الوعي والمخاطر: مسؤولية وطنية مشتركة

بقلم: محمد الحبيب هويدي

أثبت جيل الشباب المغربي اليوم، وخاصة جيل “Z”، أنه جيل واعٍ بحقوقه، مؤمن بالإصلاح والتغيير عبر الوسائل السلمية. هذا الوعي يشكل رصيدًا ثمينًا للمجتمع والدولة معًا، لأنه يعكس نضجًا سياسيًا وفكريًا يضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار. غير أن بعض الجهات تحاول، بين الفينة والأخرى، استغلال هذا الحماس وتوجيهه نحو مسارات غير سلمية من خلال الدعوة إلى احتجاجات فوضوية أو أعمال شغب تهدد السلم الاجتماعي وتسيء إلى مطالب مشروعة.

إن الحفاظ على الأمن والاستقرار يظل أولوية قصوى، فالمغرب عاش مثل باقي دول العالم هزات قوية خلال مرحلة “الربيع العربي”، ورأينا جميعًا كيف تحولت المطالب الاجتماعية في بعض البلدان إلى فوضى عارمة أفرغت تلك المطالب من مضمونها. الاستقرار هو الشرط الأساسي لأي مشروع تنموي، وبدونه لا يمكن الحديث عن جذب الاستثمارات أو خلق فرص الشغل التي يطالب بها الشباب أنفسهم. وكل انزلاق إلى العنف أو الفوضى ستكون كلفته باهظة وتؤدي ثمنه الأجيال المقبلة.

المواطن الواعي اليوم مطالب بأن يحمي أبناءه من خطابات التحريض على مواقع التواصل الاجتماعي، وأن يرسخ لديهم قيم الحوار والمطالبة السلمية بالحقوق. وهو مطالب أيضًا بالحرص على أن تبقى الاحتجاجات، متى كانت، في إطار القانون حتى لا تتحول إلى غطاء لأعمال التخريب. وعلى كل من يملك أدلة أو تسجيلات توثق تورط بعض العناصر في عمليات شغب أو اعتداءات على الممتلكات العامة والخاصة أن يبادر إلى وضعها رهن إشارة السلطات المحلية والأمنية، فالمسؤولية مشتركة بين الدولة والمجتمع. كما أن للتجار وأصحاب المحلات دورًا أساسيًا في مراجعة تسجيلاتهم والمساهمة في كشف هوية المعتدين، بما يعزز روح التضامن بين مختلف الفئات.

ولا يمكن إغفال الدور الحيوي للإعلام في هذه المرحلة الحساسة، إذ تقع على عاتقه مهمة التمييز بين المطالب الاجتماعية المشروعة وبين الدعوات التخريبية، وتصحيح المغالطات التي قد يروج لها البعض لتأجيج الوضع. الإعلام الوطني، ومعه مختلف المنابر الجادة، مدعو إلى الانحياز لقيم المواطنة والتوعية بدل الاكتفاء بنقل الأحداث ببرود.

إن الرهان اليوم هو أن يثبت جيل الشباب أنه جيل إصلاح وبناء، لا جيل تخريب وهدم. فالمستقبل ملك له، والاستقرار هو الضمانة الأساسية لتحقيق طموحاته. نعم للمطالبة بتحسين الأوضاع الاجتماعية عبر الحوار والمؤسسات، ولا للتخريب أو تهديد أمن المواطنين وممتلكاتهم. فكلنا شركاء في حماية الوطن، وكل تقاعس عن أداء هذا الواجب لا يزيد إلا في تعميق الأزمات.

زر الذهاب إلى الأعلى