كنزة الغالي.. الدبلوماسية التي كسرت الصورة النمطية للسفراء وأعادت تعريف معنى التمثيل المغربي في الخارج

الدار/ إيمان العلوي

في عالم الدبلوماسية، حيث يغلب الطابع البروتوكولي والرسمي على التعامل، تبرز الدكتورة كنزة الغالي كاستثناء مشرق يجسد جوهر الدبلوماسية المغربية الحديثة: الإنسانية، القرب من المواطنين، والانخراط العملي في خدمة الوطن أينما كانت.

سفيرة المغرب في تشيلي منذ عام 2019، لا تُعرَف كنزة الغالي فقط بخبرتها الأكاديمية الواسعة ونضالها السابق في البرلمان، بل أيضًا بقدرتها على تحويل السفارة إلى بيت للمغاربة المقيمين والزائرين. أحدثت تحولًا نوعيًا في مفهوم العمل الدبلوماسي، إذ لا تكتفي بتمثيل الدولة رسميًا، بل تعيش يومياتها كخادمة لقضايا الوطن، ومواطنة فخورة ببلادها.

خلال كأس العالم للشباب في تشيلي، جسدت الغالي هذا النهج بأبهى صوره. فقد كانت أول من استقبل المنتخب المغربي للشباب، وحرصت على أن يشعر اللاعبون وكأنهم في الدار البيضاء وليس على بُعد آلاف الكيلومترات من الوطن. تابعت أدق التفاصيل، من الإقامة والتغذية إلى الجانب النفسي والمعنوي، ورافقتهم في التداريب والمباريات، في مشهد نادر يعكس عمق ارتباطها ببلدها وإيمانها بدبلوماسية القرب والمواكبة.

منذ تعيينها، تحوّلت السفارة المغربية في سانتياغو إلى فضاء للنشاط الثقافي والحوار الحضاري، إذ قادت الغالي جهودًا لتعزيز العلاقات المغربية-الشيليّة على المستويات الاقتصادية والتعليمية والثقافية. عملت على الترويج لقضية الصحراء المغربية، مدافعة عنها بالمنطق الدبلوماسي والحجة القانونية، وناشرة صورة المغرب الحديث المنفتح على العالم، دون أن تنسى الجانب الإنساني في علاقاتها مع الجالية.

تُعرف كنزة الغالي أيضًا بحضورها القوي في المنتديات الدولية، وبأسلوبها الهادئ والرصين في الحوار. تحمل في سيرتها الأكاديمية دكتوراه في الطب وأخرى في العلوم السياسية، ما منحها نظرة شمولية تجمع بين الحس الإنساني والفهم السياسي العميق. قبل تعيينها سفيرة، كانت نائبة برلمانية وعضوة نشطة في لجنة العلاقات الخارجية، حيث دافعت بشراسة عن القضايا الوطنية.

اليوم، يُنظر إلى كنزة الغالي كنموذج للدبلوماسية المغربية الجديدة في عهد الأسد ناصر بوريطة، و التي يرعاها الملك محمد السادس، دبلوماسية قائمة على الحضور الميداني، والقرب من الناس، والتواصل الثقافي، بدل الاكتفاء بالمكاتب الرسمية والخطابات.
هي ليست فقط ممثلة للمغرب في تشيلي، بل وجهٌ مشرق لامرأة مغربية استطاعت أن تجعل من الدبلوماسية رسالة نبيلة تتجاوز الحدود والبرتوكولات.