أخبار دوليةسلايدر

هل يبدأ مخطط ويتكوف بإنهاء مهمة المينورسو لحل النزاع بين المغرب والجزائر؟

بقلم: رشيد عفيف

أثار إعلان ويتكوف قرب التوصل إلى حل للنزاع بين المغرب والجزائر في غضون 60 يوما الكثير من التوقعات بشأن مبادئ المخطط الأميركي الذي تعدّه إدارة ترامب. وينطوي هذا الإعلان المقتضب الذي ورد في برنامج «60 دقيقة» الذي أذاعته قناة CBS News الأميركية، على فهم أميركي دقيق لحقيقة النزاع المفتعل حول الصحراء، باعتباره الجزائر طرفا فاعلا في هذا النزاع.
وبينما أعلنت الولايات المتحدة الأميركية دعمها لمقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب في سنة 2007 باعتباره الحل الأكثر جدية وموثوقية، بل الحلّ الوحيد الممكن لهذا النزاع، فإن تصريحات ويتكوف تثير بعض التساؤلات حول تفاصيل هذا المقترح الذي يرتقب الإعلان عنه قريبا.
ومن المؤكد أن هذا المقترح سيقدم رؤيته الخاصة لمستقبل بعثة المينورسو، على اعتبار أن الإدارة الأميركية عبرت مرارا وتكرارا عن موقف نقدي تّجاه الأمم المتحدة وطريقة إدارتها للكثير من النزاعات الدولية، على غرار النزاع بين الكونغو ورواندا الذي أسهمت إدارة ترامب في حلحلته في ظرف وجيز، بعد أن استمر لأكثر من 30 عاما.
في هذا السياق يرى بعض المحللين ورواد الفكر في مراكز البحث الأميركية المتخصصة أن مهمة المينورسو انتهت منذ زمن طويل، وأن بقاءها يعكس إلى حدّ بعيد الفشل الأممي في التعامل مع هذا النزاع الذي طال أكثر من اللازم. لقد تم إحداث بعثة المينورسو سنة 1991 للإشراف على تنظيم الاستفتاء في الأقاليم الجنوبية، ومنذ ذلك الحين يحرص مجلس الأمن بانتظام على تمديد مهمة البعثة دون أيّ إطار سياسي واضح.
وبعد مرور نصف قرن تقريبا على افتعال الجزائر لهذه الأزمة، ونحو ربع قرن على إحداث الأمم المتحدة لهذه البعثة اتّضحت بما لا يدع مجالا للشك استحالة تنظيم الاستفتاء في الأقاليم الجنوبية الواقعة تحت السيادة المغربية منذ عقود. فهناك معوّقات عدة على رأسها صعوبة تحديد الهيئة الناخبة وعدم رغبة الجزائر في السماح للمحتجزين في مخيمات تندوف بالعودة إلى مدنهم وقراهم في الصحراء المغربية، علاوة على استمرار قيادة البوليساريو في الارتهان للقرار الجزائري.
وعلى الرغم من أن استحالة تنظيم الاستفتاء قد تأكدت منذ زمن طويل، واصلت الأمم المتحدة عبر مجلس الأمن التمديد لبعثة المينورسو التي تضم ضباطا ومجندين من بنغلاديس وباكستان وروسيا ودول أخرى، وتخصيص ميزانية هائلة لاستمرار تواجدهم في منطقة الصحراء، دون أفق واضح أو مهام فاعلة. فعادة ما تكتفي قيادة المينورسو بتقديم تقرير كل ستة أشهر حول الأوضاع في المنطقة وإحصاء قائمة الانتهاكات التي تسجلها، دون أن يكون لها أيّ دور سياسي أو دبلوماسي فعّال.
بل إن هذه البعثة لا تحقق أيّا من الأهداف والمهام التي أُحدثت لأجلها. فهي لا تستطيع تقديم إحصاء دقيق مثلا عن عدد المحتجزين في مخيمات تندوف، ولا يمكنها الحسم في طبيعة الهيئة الناخبة التي يمكن أن تصوت في هذا الاستفتاء، ولا تقدّم أيّ مقترحات عملية في هذا السياق، وهذا يعني أن استمرارها في الصحراء المغربية ليس سوى استنزاف إضافي لموارد الأمم المتحدة التي يمكن أن تذهب لمجالات أخرى وتحقق غايات سامية في مناطق وبؤر توتر ذات أولوية.
وتتضح عبثية مهمة هذه البعثة أكثر مع الدينامية الجديدة التي تشهدها قضية الصحراء المغربية منذ 2020. هناك اعتراف أميركي رسمي بسيادة المغرب على صحرائه، وتوجّه أوربي ودولي لتثمين خطة الحكم الذاتي باعتبارها الحلّ السياسي الأمثل، علاوة على أن قيادة البعثة نفسها تلاحظ عن كثب التحوّلات التنموية والاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها الأقاليم الجنوبية للمملكة منذ 1991 وحتّى اليوم، دون أن تركز على هذا المنحى في تصوّرها وتقاريرها التي ترفعها إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي.
لهذه الاعتبارات من غير المستبعد أن تتضمن خطة ويتكوف الاستعجالية لحل النزاع بين المغرب والجزائر إشارة واضحة إلى ضرورة إنهاء مهام هذه البعثة أو تحجيمها على الأقل، للخروج من حالة الجمود والفشل التي ارتبطت بالمقاربة الأممية على العموم. فقد تحوّل وجود البعثة إلى مبرر لاستمرار الوضع القائم دون رغبة الجزائر والبوليساريو في السعي قُدما نحو الانخراط في الدينامية الجديدة التي قد تنهي هذا النزاع المفتعل وتُدخل المنطقة في عصر جديد يركز على تحديات تحقيق السلام والرخاء والرفاهية للجميع.

زر الذهاب إلى الأعلى