أخبار الدار

في حوار مع “الدار”.. يتيم يكشف كواليس التشاور حول قانون الإضراب ويرد على ملاحظات المنظمات الدولية عليه

الدار  / مريم بوتوراوت‎

أكد محمد يتيم، وزير الشغل والإدماج المهني، على أن التشاور حول مشروع القانون التنظيمي للإضراب ما زال في بدايته وان الحكومة طالبت الشركاء الاجتماعيين بموافاتها بمقترحاتها مكتوبة، وانها مستعدة للتعاطي الإيجابي مع  الملاحظات الوجيهة منها في اطار ما يحقق التوازن بين الحق في الاضراب وحرية العمل، مشددا في حواره مع "الدار" على أن مطالب منظمة نقابية دولية وأخرى عربية حول النص ناتج عن كونها "بنيت على رواية واحدة وان الحكومة ستجيبها كي تكتمل لديها الصورة وتتمكن من بناء موقف موضوعي".

• لماذا تتمسك الحكومة بابقاء مشروع القانون التنظيمي للإضراب في البرلمان رغم مطالب النقابات بسحبه، وحتى منظمات نقابية دولية انضمت إليها في هذا المطلب؟

أولا يجب التأكيد على أن لمشروع  هو من القوانين التنظيمية الوارد التنصيص عليها في  كافة الدساتير التي عرفها تاريخ المغرب ، لكن دستور 2011 خَص هذا النوع من القوانين بمقتضى خاص ، حيث ألزم الحكومة بعد المصادقة على دستور 2011  بايداعها جميع القوانين التنظيمية في البرلمان خلال الولاية التشريعية التي تلت المصادقة على الدستور ، وهو ما تم بخصوص مشروع قانون الإضراب الذي وضع بالبرلمان يوم سادس أكتوبر 2016 بعد المصادقة عليه في المجلسين الحكومي والوزاري.وعليه  فإخراجه مثله مثل باقي القوانين التنظيمية اصبح ضرورة ، والمسؤولية اليوم ملقاة على عاتق الموسسة التشريعية  لإكمال المنظومة التشريعية للقوانين التنظيمية التي نص عليها دستور 2011  التي يعتبر القانون التنظيمي حول الحق في الاضراب من بين اواخرها .

علاوة على ذلك، فإن التشريع من حيث المبدأ إما  بالتبني الكامل لمشروع قانون عادي أو تنظيمي أو بالتعديل له أو برفضه هو من صلاحية المؤسسة الشريعية ، ولا يجوز بأي حال من الأحوال  مصادرة صلاحية مؤسسة دستورية ، لكن رغم ذلك فقد استجابت الحكومة لمطالب النقابات بفتح حوار حوله . وهكذا بين الدعوة للسحب التي لم يكن من الممكن الاستحابة لها بسبب ان النص صار ملكا للمؤسسةً التشريعية وبين الاعتماد على الية الأغلبية يحسب للحكومة انها  اختارت  فضيلة الحوار والتشاور مع الشركاء الاجتماعيين من جهة ، ومن جهة ثانية احترام اختصاصات المؤسسات المخول لها حصرا حق التشريع ، واحترام المؤسسات الدستورية يقتضي ان لا يتحول البرلمان الى مجرد غرفة تسجيل لتوافقات تتم خارج أسوار البرلمان ففي ذلك مس بوظيفتها التشريعية وبوظيفتها التمثيلية للمواطنين ، ومن ثم بمفهوم المسؤولي السياسية للأغلبية البرلمانية التي يتعين أن تتحملها بإقرار القوانين والتشريعات اللازمة لتطوير الحياة الاقتصادية والاجتماعية ، مع الإشارة إلى أن النقابات لها امتدادات برلمانية وازنة في البرلمان ، كما ان الممارسة التشريعية البرلمانية تسمح هي الأخرى بالعمل من خلال آليات للتوافق للوصول إلى نصوص تشريعية متوازنة ، حيث في الغالب ما تشكل لجن مشتركة للخروج بأكبر قدر من التوافق حول التصوص التشريعية.

كما يجب أن أشير هنا إلى أن اتفاق 25 ابريل 2019 كان اتفاقا شاملا يتضمن التزامات مشتركة حيث كان فيه شق مرتبط بتحسين الدخل وتحسين الأجور وهو الشق الذي تم الالتزام به وتنفيذه من قبل الحكومة حسب ما جاء في الاتفاق ، وفيه ما يتعلق بالحريات النقابية وقد وضعت له آليات للمتابعة مركزيا وجهويا وإقليميا وفيه أيضا التزامات مشتركة تتعلق بالتشريع الاجتماعي وخاصة ما يتعلق بمشروع قانون الاضراب والقانون المتعلق بالحق النقابي ومراجعة مدونة الشغل، وفي هذا كان هناك أيضا التزام للشركاء الاجتماعيين ، وقد نص الاتفاق على فتح التشاور فيما يتعلق بمشروع قانون الاضراب قبل مدارسته والمصادقة عليه في البرلمان وهو ما التزمت به الحكومة حين فتحت ورش التشاور مع الشركاء الاجتماعيين حوله.

 كما أن رئيس الحكومة قد التزم خلال اللقاءات الأولى للحوار الاجتماعي بأن الحكومة لا ترى مانعا في التشاور مع المركزيات النقابية قبل الشروع في مدارسته واعتماده في البرلمان ، وهو موقف كما قلت وسط بين الدعوة لسحبه مما لم يكن ممكنا بسبب ان الأمر يتعلق بمشروع تم اعتماده في مجلس وزاري ثم بنص أصبح اليوم تحت مسؤولية الموسسة التشريعية ، وبين اعتماد الالية البرلمانية فقط. وفي نفس الاتجاه يحسب للحكومة أيضا انها طلبت من رئاسة لجنة القطاعات الاجتماعية تأجيل مدارسة المشروع الى غاية التشاور بشأنه مع الشركاء الاجتماعيين وذلك بغاية خلق ظروف إيجابية واجواء من الثقة من اجل التوصل الى الاتفاق الاجتماعي ل 25 ابريل 2019 وتوفير الشروط أيضا لبناء اكبر توافق ممكن حول المشروع مع الشركاء الاجتماعيين، وقد شرعنا فعلا في التشاور حول مشروع القانون وطلبنا من المركزيات النقابية تقديم ملاحظاتها وعبرت الحكومة عن استعدادها للتعامل الإيجابي مع الملاحظات الوجيهة التي ستقدم حول المشروع ونحن ننتظر التوصل الملاحظات وهي التي سنتعامل مع الملاحظات الوجيهة فيها بإيجابية.  

• ما تعليقكم على رسالتي الاتحاد الدولي للنقابات والاتحاد العربي للنقابات التي تؤكد على أن هذا المشروع ما جاء في المواثيق الدولية المتعلقة بحق بالإضراب؟

الرسالتان بنيتا على رواية طرف واحد، ونحن سنقدم معطيات مهمة نرى أن عدم توفرها لدى تلك المنظمات التي نحترمها ، هو الذي أدى الى ما جاء فيها من مطالب من قبيل الدعوة إلى سحب المشروع من البرلمان وارجاعه الى طاولة التفاوض مع الشركاء الاجتماعيين، ومن الراجح  أن المنظمتين ستعيدان النظر في كثير مما ورد في مراسلتهما حين ستكتمل لديهما المعطيات التي أوضحنا جانبا منها في الجواب على السؤال السابق. 

• ما هي مستجدات التشاور الذي قمتم بفتحه حول النص؟

‎فعلا عقدت سلسلة من الاجتماعات الأولية مع الشركاء الاجتماعيين  والاقتصاديين في موضوع مشروع القانون التنظيمي حول تنظيم الحق في الاضراب، بحضور ممثلين عن قطاعي الداخلية والوظيفة العمومية والإصلاح الإداري، وبعض المسؤولين بوزارة الشغل والإدماج المهني، وممثلين عن الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين، وقد جاءت  تلك اللقاءات كما أوضحت تفعيلا للالتزامات الواردة في الاتفاق الثلاثي 2019-2021 الموقع في 25 أبريل 2019، الذي كان من بنوده التشاور حول المشروع قبل عرضه والمصادقة عليها في البرلمان.  

‎اللقاءات الأولى كانت مخصصة لتقديم عروض تم التذكير فيها بالمضامين الأساسية لمشروع القانون، وعرض آخر حول المبادئ المؤطرة لممارسة الحق في الاضراب أعدته لجنة الخبراء في لجنة الحريات النقابية، وبعض المعطيات من القانون المقارن وتجارب عدد من الدول مثل ألمانيا وفرنسا البرتغال وبلجيكا . 

‎المسلسل التشاوري حاليا في بدايته  وسيتواصل العمل بصدده ، ونحن طلبنا من المركزيات النقابية موافاتنا بملاحظاتها كتابيا . وفعلا توصلنا من مركزية نقابية بملاحظاتها مكتوبة والبعض منها قدم بعضا منها خلال لقاءات التشاور والبعض الآخر وعدنا بأن تتم موافاة الوزارة قريبا منها ،  ونقابة واحدة استمرت في موقفها الداعي الى سحب المشروع من البرلمان وإعادة التفاوض فيه من الأساس.

• ما هي الملاحظات التي أبدتها النقابات حول النص؟

تتعلق هذه بالعقوبات السالبة للحرية  وإخراج العقوبات الجنائية من المشروع، و بضرورة مراجعة الفصل 288 من القانون الجنائي، وملاحظات حول آجال  االتي حددها  القانون فيما يتعلق بالتصريح بإيداع الملف المطلبي والوساطة ومدة الاخطار، والنصاب المتعلق بالجمع العام الذي العام ونسبة المصوتين …وعدد آخر من الملاحظات سنتدارسها وستبدي منها موقف الحكومة الذي يقوم على إقرار توازن بين الحق في ممارسة الاضراب وحرية العمل وفق ما هو مقرر في المعايير الدولية في عدد من التجارب المقارنة ، ومهما يكن من امر فنحن  لا زلنا في بداية عملية التشاور التي التزم الجميع بها في اتفاق 25 ابريل 2019.

• لماذا أحلتم النص على مجلس النواب بالرغم من كونه ذا طابع اجتماعي، عوض إحالته على مجلس المستشارين؟

كما يعلم الجميع الفصل 86 من الدستور  ينص على أن تعرض مشاريع  القوانين التنظيمية على البرلمان  في أجل لا يتعدى الولاية التشريعية الأولى التي تلي صدور الأمر بتنفيذ الدستور، أما ما يتعلق بإحالته على الغرفة الأولى بدل الغرفة الثانية لطبيعته الاجتماعية، فالأمر يتعلق بقانون تنظيمي وليس بقانون عادي، ومنطوق ومفهوم النص الدستوري  يوكد على أسبقية إيداع  مشاريع القوانين التنظيمية بالأولوية لدى مكتب مجلس النواب بينما أسبقية الإيداع بمكتب مجلس المستشارين للقوانين ذات الطبيعة الاجتماعية  تنحصر في مشاريع القوانين، وهذا ما أكدته المحكمة الدستورية في قراراتها المتعلقة بالقوانين التنظيمية للجهات والعمالات والجماعات الترابية.

• أين وصل مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالنقابات؟

إخراج هذا القانون وفق المقتضيات الدستورية كان من بين الالتزامات الواردة في البرنامج الحكومي. وقد نص اتفاق 25 أبريل 2019 على التشاور بشأن هذا القانون وهو ما ستعمل عليه الوزارة مع الشركاء الاجتماعيين قبل عرضه على البرلمان للمصادقة.

ولقد عملت الوزارة على إعداد مشروع أولي حول قانون النقابات والمنظمات المهنية و يجري التشاور بشأنه بين القطاعات الحكومية.  وسيتم التشاور فيه مع الشركاء الاجتماعيين تفعيلا لمقتضيات الاتفاق الاجتماعي.

ويجب أن أشير هنا إلى أن القانونين معا لهما نفس الأهمية وإيداع مشروع قانون الاضراب كانت له الأولوية من الناحية الزمنية لان دستور 2011 الزم الحكومة بإيداع جميع القوانين التنظيمية خلال الولاية التشريعية الأولى التي تلى اعتماد الدستور الجديد كما اسلفت سابقا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

3 × اثنان =

زر الذهاب إلى الأعلى