ولادة حزب اتحاد قوى التغيير… انشقاق يتحوّل إلى قوة سياسية ناشئة
ولادة حزب اتحاد قوى التغيير… انشقاق يتحوّل إلى قوة سياسية ناشئة

الدار/ محمد الحبيب هويدي
شهدت العاصمة الموريتانية نواكشوط اليوم حدثاً سياسياً لافتاً تمثل في منح وزارة الداخلية الترخيص النهائي لحزب اتحاد قوى التغيير (UFC)، ليكون أحدث إضافة إلى المشهد الحزبي المتحوّل في البلاد. الخطوة تأتي في سياق سياسي يتسم بالحراك المتسارع وإعادة التموضع داخل صفوف المعارضة، وسط توقعات بأن يكون للحزب الجديد تأثير ملموس في إعادة رسم التوازنات السياسية خلال الفترة المقبلة.
يقود الحزب كل من المختار ولد الشيخ والنانة منت شيخنا، وهما شخصيتان برز اسمهما بقوة خلال الشهور الأخيرة بعد قيادتهما حركة انشقاق من داخل حزب تكتل القوى الديمقراطية، أحد أعرق أحزاب المعارضة وأكثرها تأثيراً خلال العقود الماضية. وقد تبنى هذا التيار خطاباً ناقداً لمواقف الزعيم التاريخي للتكتل أحمد ولد داداه، معتبرين أن الحزب لم يعد قادراً على استيعاب التغيرات الاجتماعية والسياسية، وأنه في حاجة إلى تجديد هيكلي وفكري لم يتحقق.
الانشقاق الذي انتهى بتشكيل حزب جديد لم يكن مجرد خلاف داخلي بسيط، بل يعكس حالة من التحوّل العميق داخل المعارضة الموريتانية، حيث برزت أصوات شابة تطالب ببدائل حقيقية وخيارات أكثر مرونة وانفتاحاً، بعيداً عن الصراعات التقليدية التي رافقت العمل السياسي خلال العقود الماضية. ويظهر من تصريحات قادة اتحاد قوى التغيير أن الحزب يطمح إلى تقديم خطاب حديث يتجاوز التجاذبات القديمة ويركز على قضايا الشباب والعدالة الاجتماعية والتنمية المحلية.
يرى مراقبون أن الترخيص للحزب الجديد قد يعمّق حالة التشظي داخل المعارضة، لكنه في الوقت نفسه قد يفتح الباب أمام إعادة فرز سياسي يفرز قوى جديدة أكثر قدرة على مخاطبة الشارع، خاصة بعد تراجع فعالية بعض الأحزاب التقليدية وتزايد الانتقادات لجمودها التنظيمي. كما أن حصول الحزب على الترخيص في هذا التوقيت يثير تساؤلات حول تأثيره المحتمل على التحالفات السياسية، خصوصاً مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية المقبلة التي يُتوقع أن تكون الأكثر تنافسية منذ سنوات.
ويؤكد قادة الحزب أن اتحاد قوى التغيير لن يكون مجرد مظلة للمنشقين، بل منصة سياسية تسعى إلى تقديم بديل ديمقراطي حديث، وتعزيز مشاركة النساء والشباب، والدفاع عن قضايا الشفافية ومحاربة الفساد، إضافة إلى تقديم رؤية جديدة لإصلاح المؤسسات وتعزيز الثقة بين المواطن والفاعل السياسي. كما يعتزم الحزب خوض غمار الانتخابات المقبلة ببرنامج يُوصف بأنه “واقعي وبراغماتي”، مع فتح الباب أمام تحالفات محتملة مع قوى أخرى تشترك معه في المبادئ ذاتها.
ومع دخول هذا الحزب الجديد إلى الساحة، تبدو موريتانيا أمام مرحلة سياسية مختلفة قد تحمل مفاجآت وتعقيدات في آن واحد. فبينما قد يسهم الاتحاد في تجديد دماء المعارضة ورفع منسوب التنافس السياسي، فإن نجاحه الفعلي سيظل رهيناً بقدرته على بناء قاعدة شعبية حقيقية، وتقديم ممارسات جديدة تتجاوز أخطاء العمل الحزبي التقليدي. وفي انتظار خطواته المقبلة، يبقى السؤال قائماً: هل سيكون اتحاد قوى التغيير رقماً صعباً في السياسة الموريتانية، أم مجرد حلقة أخرى في سلسلة الانشقاقات؟ الزمن وحده كفيل بالإجابة.






