
الدار/ إيمان العلوي
لا يمكن قراءة المواجهة المرتقبة بين المنتخبين المغربي والإماراتي في نصف نهائي كأس العرب بمعزل عن عمق العلاقات التي تجمع البلدين، علاقات تتجاوز إطار المنافسة الرياضية إلى شراكة تاريخية قائمة على الأخوة الصادقة والاحترام المتبادل. فحتى وإن كانت الأماني قد ذهبت في اتجاه لقاء نهائي يجمع الطرفين، فإن هذا الموعد الكروي يبقى مناسبة رمزية تعكس متانة الروابط بين الرباط وأبوظبي، وتُبرز كيف يمكن لكرة القدم أن تتحول إلى مرآة للعلاقات السياسية والإنسانية والثقافية بين الشعوب.

منذ عقود، نسج المغرب والإمارات علاقات استراتيجية متميزة، أرساها قادة البلدين على أسس الثقة والدعم المتبادل في مختلف القضايا الإقليمية والدولية. هذه العلاقة الخاصة، التي كثيراً ما وُصفت بالأخوية، انعكست بوضوح في مواقف سياسية متقاربة، وفي تعاون اقتصادي واستثماري متنامٍ، إضافة إلى حضور ثقافي واجتماعي متبادل جعل من المغاربة جزءاً فاعلاً في مسيرة التنمية بالإمارات، ومن الإمارات شريكاً أساسياً في مشاريع كبرى بالمغرب.
وعلى المستوى الرياضي، شكّلت كرة القدم أحد أبرز مجالات هذا التقارب، سواء من خلال التعاون بين الجامعتين الكرويتين، أو عبر الاحتراف المتبادل للاعبين والمدربين، وتبادل الخبرات في مجالات التكوين والبنيات التحتية. وقد أشادت تقارير الاتحادين القاريين، الإفريقي والآسيوي، بالدور الذي تلعبه مثل هذه الشراكات في رفع مستوى المنتخبات العربية وتعزيز حضورها في المنافسات الكبرى.
من هنا، تكتسب مباراة نصف النهائي بين المغرب والإمارات طابعاً خاصاً، فهي ليست مجرد صراع على بطاقة العبور إلى النهائي، بل لقاء بين شقيقين تجمعهما رؤية مشتركة لمستقبل الرياضة العربية، وقناعة بأن التنافس الشريف لا يلغي روح التضامن. ومهما كانت نتيجة المباراة، فإن الفرحة ستظل مزدوجة، لأن الانتصار سيُحتفى به بروح المحبة، والخسارة ستُقابل بالاحترام والتقدير.
الجماهير في البلدين، كما في باقي أرجاء الوطن العربي، تترقب هذا اللقاء بعين رياضية وقلب أخوي، مدركة أن صورة المباراة وسلوك اللاعبين فوق أرضية الملعب لا تقل أهمية عن النتيجة نفسها. فكل تمريرة موفقة، وكل هدف، وكل تصدٍ ناجح، سيكون تعبيراً عن مستوى كرة القدم العربية حين تتقاطع المنافسة مع القيم.
قد تفرض قوانين اللعبة فائزاً واحداً في نهاية التسعين دقيقة، لكن العلاقات المغربية الإماراتية ستظل هي المنتصر الدائم. مباراة عابرة في سجل البطولات، لكنها لحظة إضافية تؤكد أن ما يجمع الرباط وأبوظبي أعمق من كرة القدم، وأن الأخوة الصادقة قادرة على تحويل حتى أكثر المواجهات تنافسية إلى رسالة وحدة واحترام متبادل.






