
احمد البوحساني
افتتح السيد راشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، أشغال المنتدى الدولي حول الرياضة، بكلمة قوية المعاني والدلالات، أكد فيها أن الرياضة لم تعد مجرد نشاط ترفيهي أو تنافسي، بل أصبحت فعلاً مجتمعياً متكاملاً، ذاكرةً جماعية وحصيلةً رقمية، ورافعةً أساسية من روافع التنمية البشرية والتلاحم الوطني.
وفي مستهل كلمته، رحّب الطالبي العلمي بالسيدات والسادة الوزراء، وبالضيوف من مسؤولين وإعلاميين وباحثين، معبّراً عن شكره لكل من لبّى دعوة مجلس النواب للمشاركة في هذا المنتدى، الذي يندرج ضمن اهتمام المؤسسة التشريعية بالفضاء الرياضي الوطني، ومساراته وأدائه، وبآفاقه المستقبلية.

وأوضح رئيس مجلس النواب أن تنظيم هذا المنتدى يأتي في سياق ممارسة البرلمان لاختصاصه الدستوري المتعلق بتقييم السياسات العمومية، لاسيما الاستراتيجية الوطنية للرياضة (2008-2020)، مستحضراً في هذا الصدد المناظرة الوطنية للرياضة التي احتضنتها مدينة الصخيرات سنة 2008، والتي تميزت برسالة ملكية سامية وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، شكلت مرجعاً استراتيجياً للإصلاح الرياضي بالمغرب.
وأعرب الطالبي العلمي عن اعتزاز مجلس النواب بالرعاية المولوية السامية التي شمل بها جلالة الملك هذا المنتدى، معتبراً إياه محطة للتأمل والحوار المؤسساتي حول منجزات الرياضة الوطنية، وتجهيزاتها، وتحدياتها، وحاجياتها، ومجالات التكوين والتأطير والحكامة.
وسلط رئيس مجلس النواب الضوء على مضامين الرسالة الملكية، التي قدّمت تشخيصاً دقيقاً لوضعية الرياضة الوطنية، وحددت مكامن القوة والتحديات، ودعت إلى توسيع قاعدة الممارسة الرياضية ودمقرطتها، بما يضمن إدماج النساء والرجال، وذوي الاحتياجات الخاصة، وساكنة المجالات النائية، مؤكداً أن هذه التوجيهات الملكية كانت الحافز الأساس للمنجزات التي تحققت خلال القرن الحادي والعشرين، وجعلت من الرياضة رافداً للتنمية، ووسيلة لترسيخ الانتماء الوطني، وأداة للإشعاع القاري والدولي.
وأشار في السياق ذاته إلى أن الاستراتيجية الوطنية للرياضة (2008-2020) انبنت على عشرة أهداف كبرى، في مقدمتها تكريس الرياضة كحق أساسي، وتعزيز دورها في الإدماج الاجتماعي، وتحسين حكامة القطاع، وتطوير المنشآت الرياضية. واعتبر أن التكوين وتطوير البنيات التحتية الرياضية شكّلا ولا يزالان عماد السياسات العمومية الرامية إلى تحقيق نهضة رياضية شاملة.
وتوقف الطالبي العلمي عند محطة دسترة الحق في ممارسة الرياضة سنة 2011، باعتبارها تجسيداً للرؤية الملكية الحقوقية والتنموية، وتنصيصاً صريحاً على إلزامية تيسير ولوج جميع المواطنات والمواطنين إلى الرياضة على قدم المساواة.
وأكد رئيس مجلس النواب أن العناية الملكية السامية بالرياضة والرياضيين عززت شغف المغاربة بهذا المجال، مبرزاً أن الرياضة، وخاصة كرة القدم، أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الثقافة المغربية المشتركة، وعنصراً موحداً للشعب المغربي في لحظات الفرح الوطني.
واعتبر أن الإنجازات التي حققتها الرياضة الوطنية في ألعاب القوى وكرة القدم ورياضات أخرى، لم تكن وليدة الصدفة، بل ثمرة رؤية واضحة، وتكوين ممنهج، وتنظيم محكم، واستثمارات في البنيات التحتية، مشدداً على أن النموذج المغربي في النهضة الرياضية نموذج متفرد، يجمع بين الخصوصية الوطنية والتفاعل الإيجابي مع المعايير الدولية.
وفي بعده القاري، أبرز الطالبي العلمي أن المغرب جعل من نهضته الرياضية مكسباً لإفريقيا ككل، مستحضراً تأكيد جلالة الملك محمد السادس، منذ سنة 2022، على استعداد المملكة لوضع تجربتها وإمكانياتها رهن إشارة الدول الإفريقية الشقيقة، خدمةً لشباب القارة وأفقها التنموي.
كما شدد على أن الرياضة، في جوهرها، ممارسة إنسانية قائمة على قيم التعارف والتسامح والسلم، وهي قيم متجذرة في تاريخ الشعب المغربي، مبرزاً أن احتضان المملكة للتظاهرات الرياضية القارية والدولية يشكل فرصة لتطوير البنيات التحتية، وتحسين الخدمات العمومية، وتعزيز الجاذبية الاستثمارية والسياحية.
وفي ختام كلمته، أكد رئيس مجلس النواب أن مجلس النواب، استحضاراً لمركزية الرياضة في التنمية الشاملة، قرر إخضاع الاستراتيجية الوطنية للرياضة للتقييم، معبّراً عن أمله في أن تسهم أشغال هذا المنتدى في إغناء التقرير البرلماني الجاري إعداده، بما يخدم تطوير الرياضة الوطنية ويعزز مكانتها كرافعة للتنمية، وفق الرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
وختم الطالبي العلمي بتوجيه الشكر لكل المشاركين في هذا المنتدى، ولكل من سيساهم بأفكاره ومداخلاته في إنجاح أشغاله وإغناء مداولاته.






