أخبار الدار

في حوار مع “الدار”.. بنيوب: هذه طبيعة علاقتي بالرميد..ويجب تقييم التدخلات الأمنية في الشارع

حاورته: مريم بوتوراوت- تصوير: ياسين جابر

اعتبر أحمد شوقي بنيوب، المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان، على أن الانتقادات التي تم توجيهها للتقرير الذي قدمه حول أحداث الحسيمة كانت إيجابية بالرغم من كونها "عنيفة"، وسلطت الأضواء على التقرير.. وتحدث بنيوب في حواره مع "الدار" عن تفاصيل التقارير التي سيعلن عنها انطلاقا من شهر أكتوبر المقبل.

• وجهت اليكم انتقادات لاذعة بسبب تقرير الحسيمة وكونكم "تقدمون رواية الأمن"، ما ردكم على ذلك؟

بخصوص هذه الانتقادات، أنا أفضل القول أنها "انتقادات عنيفة"، وبالنسبة لي أقول لأصحابها كلهم وبدون استثناء "الله يجازيهم بخير"، لسبب رئيسي، لأنها كانت بمثابة الأضواء الكاشفة القوة حول التقرير.. الردود العنيفة أدت إلى اهتمام دقيق من طرف الباحثين والسياسيين والفاعلين المدنيين والمجتمع المدني، إذن أدت خدمة حقيقية، وكان من الطبيعي بقوة ما جرى أن يقع هذا التحول.

وبخصوص ما قيل حول مجاراة التقرير ل"أطروحة الأمن"، حتى نكون واقعيين، الرواية التي جاءت في التقرير لم أصنعها، هذه الرواية كانت موضوع عرض رسمي قدم من طرف المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، لمنظمات المجتمع المدني بمناسبة مرحلة ما بعد المجلس الوزاري الشهير وقراراته ذات الوقع، يعني ذلك اللقاء جاء في إطار التواصل وبمناسبته قدمت الرواية الرسمية للأحداث، إذن الرواية لم أصنعها أنا بل قدمت في حينها، وبنفس الأوصاف ولم تثر الردود العنيفة التي أثيرت بخصوص التقرير لأنه كان موضوع الاستنتاجات والأطروحة التي انبنى عليها التقرير، وهي أن الأمة دولة ومجتمع احتضنت الريف.

للتاريخ إذا تمت مقارنة سلوك قوات الأمن في أحداث الحسيمة ما جرة في سنتي 1958 و1959 و1984 و1991 أقول أن هناك تطورا في معادلة حفظ النظام العام واحترام حقوق الإنسان وحمايتها، واستعملت في التقرير تعبيرا دقيقا استخدمه كذلك العرض الذي أشرت إليه قبل قليل، وهو "رباطة للجأش".

هل ارتكبت تجاوزات بمناسبة استعمال القوة؟ من سيجيب على هذا السؤال هو المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهو الوحيد الذي يستطيع ذلك، لأنه الذي كان مؤهلا ميدانيا وفنيا ومنهجيا لرصد الأحداث.

أظن بأن المهم الآن هو أن التقرير انتقل إلى مرحلة مهمة حيث بدأ أهل الاختصاص في مجال العلوم السياسية ينكبون عليه، وأعتقد أن هذا من الثمرات المهمة لهذا التقرير.

•أثار الحديث عن اطلاع الرميد على التقرير جدلا كبيرا..ما هي طبيعة علاقتكم به؟

أولا أنا أعرف السيد مصطفى الرميد وزير الدولة كزميل منذ سنة 1987 منذ كنا نلتقي في لجنة البيان العام في مؤتمر جمعية المحامين، والتقينا في مناسبات عديدة ثم في المجلس الاستشاري.. السيد مصطفى الرميد توصل بالتقرير مع أعضاء الحكومة، إذن هو لم يطلع على التقرير الذي لم يطلع عليه أحد، ما عدا الفريق المصغر الذي اشتغل عليه.
العلاقة مع السي مصطفى الرميد، أفضل التفسير الذي قدمه بمناسبة لقاء صحفي، حيث قال "توجد مؤسسة وزير الدولة ومؤسسة المندوب الوزاري"، أنا أعتقد أن هذا تفسير واقعي لأمر قانوني، وهو تفسير للمعطيات الواقعية. العلاقة بيننا تنبني على التنسيق والتعايش وكل واحد ييسر عمل الآخر، وأظن بأن هذا ممارسة مطلوبة من طرف مسؤولين سياسيين خاصة إذا كانا في مجال حقوق الإنسان.

• أليس هناك تداخل في الاختصاصات؟

هناك اختصاصات المندوبية الوزارية أدبرها بصفة مشتركة في إطار تدبير مشترك بيني وبين السيد مصطفى الرميد، هو له الأولولية، وأنا قلت هذا منذ الأيام الأولى لتولي منصبي، مصطفى الرميد هو الذي يختار المجال الذي يتدخل فيه، ولا يمكن لي أن أقول إلا "الله يربح"، لماذا؟ لأن الأمر يتعلق بالمصلحة العليا لحقوق الإنسان.

هناك أيضا عنصر مهم أثبته هذا التقرير، هو إن مجال حقوق الإنسان الإبداع فيه لا حدود له، "وهو اللي ما فيهش الزحام والضيق والمحاكة"، لأنه بحر كبير وأمواجه متلاطمة "مصاب غي نكونو قادرين ندخلو لعراك الأمواج".

• والمجلس الوطني لحقوق الانسان، كيف تدبرون العلاقة معه؟

هو مؤسسة دستورية مستقلة، طبعا العلاقة تدبر على قاعدة للتدبير المشترك لأننا نتفاعل في القضايا الكبرى، والتقارير مبنية على التنسيق والتعاون البناءين. 

• تحدثتم عن كونكم تشتغلون على تقارير جديدة، ما هي المنهجية التي ستستخدمونها في هذه للتقارير وما هي مواضيعها؟

أعلنت أنني سأصدر ثلاثة تقارير ابتداء من الأسبوع الأول لشهر أكتوبر المقبل. التقرير الأول هو الأول من نوعه ويتحدث عن الوضعية العامة لحقوق الإنسان على الصعيد الوطني، فما يتوفر الآن هو شذرات وعناصر متفرقة مطبوعة بالشتات وتترتب عليها التزامات ومواقف وتدبير ما يطرح فيها من نوازل ومن احتكاك في مجال حماية حقوق الإنسان، فلابد أن نتفق على ما هي الوضعية العامة لحقوق الإنسان على الأقل أوساط الفاعلين الأساسيين في هذا المجال، وسأكتبها من منظور الالتزامات الدولية والاتفاقية، حتى يكون المعيار واضحا.

التقرير الثاني هو أيضا الأول من نوعه، وكان يجب أن يتم الاشتغال عليه منذ زمن، هو وضعية حقوق الإنسان في الأقاليم الجنوبية، سأصدره في شهر نونبر، وسأختم السنة الحالية بتقرير حول وضعية حماية حقوق الإنسان، يتناول جميع الحقوق المثارة في التوصيات الأممية وفي التقارير الوطنية والدولية، وسيكون هذا التقرير مناسبة للتفاعل مع التقارير الوطنية والدولية وتوصيات المقررين الخاصين والاستعراض الدولي الشامل، دائما الكل في إطار حقوق الإنسان.

• ما هي المنهجية التي ستعتمدونها في هذ التقارير؟

طبعا سنعتمد على المنهجية العلمية للعمل في إطار الحقل الدولي لحقوق الإنسان، تنبني على ثلاثة مرتكزات هي بمثابة ثلاثة أبعاد، أولا الوقوف على المعطيات النوعية، لما نقول التجمهر والتظاهر والترخيص للجمعيات والرعي الجائر وحرية الفكر والجمعيات، أي شيء سنتطرق إلى المعطيات النوعية المتعلقة به والتي لا يجب أن تكون موضوع خلاف بين كافة المؤسساتيين، سواء حق ممارس أو حق فيه خصاص أو ضرر.

إذن يجب أن نكون متفقين حول المعطيات النوعية، لننتقل إلى العنصر الثاني وهو الاستنتاجات، والتي تختلف، فما أستنتجه من قلب السلطة ليس كما تستنتجه منظمة غير حكومية وليس كنا يستنتجه المجلس الوطني لحقوق الإنسان، لكن الاستنتاجات كلها تدور وجوبا وعدما حول سياسة حقوق الإنسان.

العنصر الآخر في المنهجية هو التوصيات، وهي مجموع المقترحات والتدابير التي يتعين القيام بها لرفع الانتهاك عند حصوله أو عند وجوده ولتقديم ما يجب من أجوبة عملية لتحسين أوضاع حقوق الإنسان.

• تشتكي جماعة العدل والاحسان مما تعتبره "تضييقا حقوقيا" عليها سواء في تشميع البيوت أو توقيف اعضائها من وظائفهم، ما رأيكم في ذلك؟

مطالب جماعة العدل والإحسان بالنسبة لي هي كسائر المطالب المثارة في في مجال حقوق الإنسان، سأعالجها في محطتين، وذلك في التقرير الذي سأقدمه بداية شهر أكتوبر المقبل، والتقرير الذي سأصدره في نهاية السنة.

أنا ليس لدي إشكال، فجميع من يدعي فردا أو جماعة أنه تعرض لانتهاك أو ضرر سأتصدى للموضوع وأبحث فيه، وأعطي فيه رأيي كمندوب وزاري، لأن سند تكليفي في الأصل ينبني على الرسالة الملكية بمناسبة الذكرى السبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، تعزيز حماية حقوق الإنسان، وتعزيز الحماية ليس له إلا مدلول التقوية والترسيخ ورفع الضرر وتحسين حالة حقوق الإنسان.

وبما أن أنه قد تم طرح السؤال، أنا أقول بما أن الجماعة ناقشت تقرير الحسيمة تحت يافطة الجماعة وفي موقع رسمي، فلقد دعوتهم لحوار مكشوف تقابلي لما فيه خير البلاد والعباد في مجتمع ينشد ويتطلع إلى السلم المدني والعيش المشترك. 

• ما رأيكم في ما تواجهه الصحافة في الآونة الأخيرة ومن يرى أن هناك "مسا بحريتها"؟

أنا أعتبر بأن الصحافة كانت نصيرا ومدافعا حيويا في مجال حماية حقوق الإنسان وتطورها، الصحافيون بالنسبة لي بمثابة المحامين، كانوا دائما في الصفوف الأولى، وأنا كنت ضمن من عملوا وناضلوا حول أن العقوبات الحبسية والردع يجب أن يخرج من الدائرة ما عدا إذا كان الفعل يكتسي صفة جناية فهذا كلام آخر. 

أنا سأتعرض لوضعية الصحافة بمناسبة التقريرين الأول والثاني سالفي الذكر، لكن ما دام السؤال قد أثير أنا أتمنى من الأعماق أن المجلس الوطني للصحافة بعدما أخذ بزمام الأمور أن يباشر التدخل التلقائي الذاتي المباشر في التعاطي مع كل ما يتعلق بالمهنة.

أتمنى أن يعفي المجلس الحقوقي من قول كلمتهم في منازعات الصحافة وحقوق الإنسان، لماذا؟ لأننا يجب أن نخلق تقاليد، وأنا أتمنى أن يكون المجلس الوطني للصحافة هو الفضاء الأول والأخير الذي يتم فيه تداول كل ما يتعلق بقضايا الصحافة، وأتمنى أن تكون كلمته أخيرة، وأن لا يذهب أي ملف إلى القضاء، لأنه في الممارسات العريقة وفي تاريخ الصحافة يجب أن تأخذ في يدها بزمام أمورها كما تأخذ مجالس المحامين أمورهم بأيديهم ولا تذهب إلى النيابة العامة أو القضاء.

• كيف تقيمون التعامل الأمني مع الاحتجاجات في الشارع؟

سأتعرض للموضوع في التقارير المقبلة. وأظن أنه لكي نكون منصفين، في نظري أكبر تحدي هو توفر معايير لتقييم تدبير استعمال القوة في الشارع العمومي، لأن حادثا يمكن أن يكون موضوع تأويلات وتفسيرات عديدة.

ما يهمني الآن هو أهمية الدعوة إلى إجراء حوار معمق حول مؤشرات تقييم استعمال القوة، أنا سأعطي وجهة نظري في هذا في التقارير المقبلة، وأنا مستعد للنقاش على ضوء المعايير الموضوعية.

• ما هي التحديات التي ترون أن مجال حقوق الانسان ما يزال يواجهها في البلاد؟ 

التحديات فيها مستويات، فيها أولا صيانة المكتسبات، ومواجهة المشاكل المطروحة بجدية وبدون "ماكياج"، ثم التحدي الذي يطرح على الجميع، على المؤسسة الوطنية ومؤسسات حقوق الإنسان والمندوب الوزاري وجميع الآليات، والذي يمكن أن ألخصه في كلمة واحدة هي المهنية، فيوم نتقدم جميعا في المهنية سيكون الحوار في ما بيننا أعمق وأقوى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة × 5 =

زر الذهاب إلى الأعلى