أخبار الدار

متى ستستقيل؟ سؤال بدون جواب…

لطالما كان كل من المنصب والسلطة ، المرادفات التي تفيد المعنى الواحد وهو التشبث بالكرسي والمقعد السياسي، الذي يأبى رجل السياسة التنازل عنه ولو  لحين، غير أن المثار للنقاش في هذا الصدد هو أن هذا التشبث الذي يصفه معظم المواطنين المغاربة ب"المرضي"، يخص وفقط السياسي المغربي، في الحين الذي نلمح العديد من السياسيين في المجتمعات الغربية الذين يلوحون بتقديم استقالاتهم كلما عجزوا عن تحقيق المساعي التي يأمل المواطنين بلوغها، وفي أحيان أخرى ينسحبون في محاولة لترك المجال للوجوه الشابة حتى تتمكن من الدلو بدلوها في العمل السياسي.

هل أصبح الكرسي السياسي إرث أبدي؟

تطول اللائحة التي تخص الوجوه السياسية، التي يعتبرها المواطن المغربي أصبحت من قدامى المعمرين على الكراسي السياسية، بغض النظر عن المنصب الذي تعتليه هذه الشخصيات، سواء ارتبط الأمر بالمناصب الوزارية، الأحزاب السياسية، كما هو الأمر بالنسبة لباقي مناصب القرار السيادي. في حين الأمر مختلف بشكل مطلق بالنسبة لرجالات ونساء السياسة بالدول الأوربية، حيث تعتبر أنجيلا ميركر المستشارة الألمانية واحدة من هذه الشخصيات التي تبادر بتقديم استقالتها، مؤكدة أنها قدمت ما بوسعها للمجتمع الألماني والآن حان الوقت لبروز الطاقات الشابة، في أفق تحقيق المزيد من الإنجازات.

"المنصب سلطة غير خاضعة للمحاسبة"

رشيد الأزرق المحلل في العلوم السياسية، يقول في تصريح خاص لموقع الدار، إن منطق المناصب بالمغرب يجعل المسؤول يرى المنصب كسلطة وامتياز يعزله عن المحاسبة، لهذا فإن ثقافة الاستقالة في الممارسة العملية تكاد تكون منعدمة تماما.

ويضيف أنه يرجع عدم إقدام المسؤولين الحكوميين و الفاعلين في قيادة الأحزاب السياسية، على تقديم استقالتهم إلى كونهم  يرون في مناصبهم مصلحة قد تكون مادية بحتة وقد تكون معنوية، مثلما تعني الاستقالة بداية الخوف من المساءلة والمتابعات القضائية.

مضيفا أن المسؤول، حتى في حالة إقالته، فإنه يكون طامعا في العودة إلى السلطة ولو من باب ضيق، إن تشبث المسؤولين بالمنصب ورفض الاستقالة مرتبط بمنطق تعيين المسؤولين. "الكثير منهم يعين بمنطق سياسي، وهذا المنطق يعتمد على ترجيح المصالح على النجاعة وتحمل المسؤولية، وهنا أصل إشكالية التشبث بالمنصب أو الكرسي. ممارسة الشأن العام يغيب فيها منطق مؤسسات الدولة ودولة القانون ويحضر منطق الزبونية".

"الاستقالة عن العمل السياسي… جرأة كبيرة"

ومن جهته أضاف الأستاذ الباحث في العلوم السياسية، رشيد بوعبيد في تصريح لموقع "الدار"، أن تقديم الاستقالة من المنصب السياسي، يتطلب قدرا كبيرا من الجرأة، مشيرا أن هذا العنصر هو المبدأ الأساسي الذي ينتفي في القادة السياسيين، لأن التصور العام السائد حول العمل السياسي تطاله العديد من المغالطات والشائبات.

وأوضح في هذا الصدد أن الهدف من العمل السياسي، والدخول في كواليس الأحزاب هو السهر على تأطير المواطنين وتدبير الشأن العام، غير أن هذا التصور يكاد يكون منتفيا لدى هؤلاء القادة، ومن ثم فإن البحث عن المصلحة الخاصة هو الطابع الطاغي على هؤلاء، الأمر الذي يحملهم على استعمال جميع السلط الموكلة إليهم في أفق استغلال السيادة الموكلة إليهم ومن ثم فهذا العنصر هو الذي يؤجج العلاقة بين السياسي ةالمواطن المغربي، لأن هذا الأخير يعي جيدا خبايا الكواليس السياسية التي لا تخدم مصالحه المشروعة. 

هل الاستقالة تعبير عن انتهاء الصلاحية؟

ويفيد الباحث ذاته أن الإقدام على تقديم الاستقالة، لا يعتبر البتة انتهاء للصلاحية، بل على العكس فإن في الأمر شجاعة ما يحيل على وجود الفهم الصحيح للعمل السياسي، الذي لا يرتبط بالمدة الزمنية التي قضاها السياسي في منصبه، بقدر ما يرتبط بمدى أهمية الإنجازات التي تمكت من تقديمها للمواطن المغربي، معززا موقفه بالدول الأوربية التي تعتبر فيها الاستقالة في الكثير من الأحيان خصوصا في الشأن السياسي بمثابة إعادة الاعتبار للشعب حينما لا يتمكن صاحب القرار من تحصيل رضا المواطنين. "وإن دل هذا الأمر على شيئ فإنه يدل حتما على أن قرار المواطن هو القرار الذي يجب أن يحتل المكانة السيادية". 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

1 × واحد =

زر الذهاب إلى الأعلى