الخريطة الجامعية الجديدة.. نحو ترتيب الأولويات بمنظور جهوي؟
الدار/خاص
تعمل الحكومة حاليا على إعداد خطة إعادة تشكيل (خريطة جامعية جديدة) تأخذ بعين الإعتبار الخصوصيات المتعلقة بكل جهة، وذلك من حيث مطابقة العرض الجامعي مع متطلبات سوق العمل.
وحسب مشروع الخطة الذي يتوفر موقع "الدار" على نسخة منه، فإن الأمر لا يتعلق فقط بالتكيف مع القانون/الإطار الذي تم إقراره، بل أيضا من أجل "تجاوز ضعف مؤشر الولوج للتعليم العالي الذي لا تتجاوز نسبته حاليا 32٪ من الشباب في الفئة العمرية بين 18 – 22 سنة".
وسيتم إطلاق خطة إصلاح خريطة التعليم العالي ب"الموازاة مع زيادة القدرة الإستيعابية للمؤسسات ذات الولوج المحدود في نسبة 50٪ خلال هذا الدخول (2019/2020 )، مع مسطرة جديدة لقبول الملفات تم إقرارها أيضا"، وذلك وفق الوزارة الوصية على القطاع.
ويتعلق الأمر بأربع (4) فئات من المؤسسات معنية بهذه الزيادة (نسبة 50 ٪) في قدرة الإستقبال على مستوى المقاعد البيداغوجية: كليات الطب، المدارس الوطنية للتجارة والتسيير (ENCG)، المدارس الوطنية للعلوم التطبيقية (ENSA)، مؤسسات التكنولوجيا، والمدارس الوطنية العليا للفنون والمهن (ENSAM).
وبالنسبة لحساب المعدل المتوسط الذي سيتم على أساسه تقييم طلبات الترشيحات، وضعت إدارة الوصاية "مسطرة جديدة للإختيار تمنح 75 ٪ للنقطة التي تم الحصول عليها خلال امتحان السنة الثالثة من الباكالوريا، و 25 ٪ كمعامل للمعدل المتوسط المتحصل عليه خلال الإمتحان الجهوي للسنة الأولى من الباكالوريا". ويهدف التغيير في المسطرة إلى "التخفيف من أوجه عدم المساواة المحلية والجهوية في تقييم سلك البكالوريا"، وفقا لما تتطلع إليه خطة الإصلاح.
وتجدر الإشارة إلى أن المؤسسات ذات الولوج الإنتقائي مفتوحة في وجه حاملي شهادة البكالوريا في العام الحالي بميزة "لا بأس به" على الأقل، مع شروط تتعلق بالأعمار التي تبدأ من 20 سنة للتسجيل في المدارس الوطنية للعلوم التطبيقية (ENSA) إلى 22 سنة للتسجيل في المدارس العليا للتكنولوجيا (EST).
ويستهدف الإجراء الجديد العمل على إدماج عدد مهم من الحاملين لشهادة البكالوريا الذين لم تتح لهم الفرصة للتسجيل في المدارس الكبرى والمؤسسات العمومية. وتستند خريطة الطريق الحكومية أساسا إلى التوصيات الصادرة عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي (CSEFRS)، وخاصة ما يهم "وضع إستراتيجية تعديل وضبط التعليم العالي المفتوح وتعزيز قيمة عرضه على مستوى التكوين".
• الجهات: كيفية الإنخراط في مسار الإصلاح؟
الإختلافات في النتائج المسجلة على مستوى الجهات الإثنتي عشرة في مؤشر الولوج إلى الحقوق الأساسية (IADF)، أدت بالسلطة التنفيذية إلى العمل من خلال مقاربة تروم تحسين جهود الإستثمارات التي تبذلها الدولة، بما يضمن "التخفيف من أوجه عدم المساواة بين المناطق الترابية ضمن رؤية تصحيحية، وبشكل دوري، للنموذج الإقتصادي السائد على مستوى التنمية الجهوية".
وقد تم وضع ملاءمة العرض العالي للتكوين مع إحتياجات كل جهة على رأس قائمة التصحيحات التي سيتم إجراؤها. ويتعلق الأمر، في الأساس، بتوسيع وظائف ومهام الجامعة لتشمل "الخبرة" و"التكوين المستمر" و"تثمين المنتجات البحثية"، وذلك بهدف تنويع مصادر التمويل.
لذلك، فإن إنخراط الجماعات الترابية في تحقيق الأهداف المخطط لها على مستوى الوزارة الوصية، يعد أمرا بالغ الأهمية والحساسية. وسيكون على جميع المؤسسات والمعاهد أن تتوفر، بشكل أساسي، على مساطر وإجراءات موحدة ولوحات قيادة (Tableaux de bord) وذلك لمتابعة ميزانياتها مع إمكانية وضع آليات لتحسين مواردها الخاصة.
كما أنه يجب أن تتماشى (خطط) تطوير الجامعة التي يتم وضعها سنويا مع روح وأهداف (رؤية 2030) الإستراتيجية. ويجب القول إن مشاركة الشركاء الجهويين في هيئات حكامة الجامعة لا تزال مطروحة، وبشكل حاد، وذلك رغم تقديم تقرير سنوي أمام مجلس الجهة، إضافة إلى إحداث شهادات جامعية تستجيب، بشكل أفضل، للإحتياجات النوعية لكل جهة.
وإضافة إلى إحداث "مراصد جهوية" لملاءمة التعليم العالي مع البيئة الإقتصادية لكل جهة على حدة، يجب أيضا، حسب مشروع الخطة الإصلاحية، "مضاعفة المساهمة في الشركات المبتكرة والمجددة وإنشاء شركات فرعية متخصصة في أنشطة البحث والتطوير (RD)، وذلك إنطلاقا من العام الجامعي المقبل".
على المستوى الجهوي دائما، سيتعين على مؤسسات التكوين والجمعيات المهنية "مضاعفة الجهود لتفعيل منصات التدريس والبحث، وضمان المشاركة الفعالة في المبادرات الجهوية والمحلية"، وذلك حسب مضمون خريطة الطريق الجديدة المتعلقة بملاءمة الخريطة الجامعية.
وبخصوص تمثيلية الطلبة، فإن مسألة أخذ آرائهم بعين الإعتبار ومراعاتها "لم تعد إختيارية". إنها مسألة تهم "إدارة شؤون الطلبة وفقا لإجراءات واضحة وشفافة" مع تنسيق قوي بين مصلحة شؤون الطلبة وإدارة المصلحة البيداغوجية "أثناء عمليات الإختيار المسبق والتسجيل، بالإضافة إلى إدارة الإختبارات والإعلان عن النتائج"، توضح التدابير الجديدة التي سيتعين مراقبتها عن كثب من قبل (وكالة التقييم).
• مستقبل الخريجين.. مؤشرات جديدة لمعادلة صعبة
بالموازاة مع إطلاق مشروع (الخريطة الجامعية الجديدة)، سيتعين على الحكومة إجراء دراسة (مسح) تهدف إلى جمع البيانات المتعلقة بالإدماج في سوق العمل بعد 36 شهرا من التخرج. وستشكل الوسائل والطرق التي سيسلكها الخريجون للحصول على وظيفتهم الأولى "المؤشرات الرئيسية التي سيتم استخلاصها وتحديدها في نهاية هذه الدراسة، والتي تتعلق بالخريجين في عام 2016".
وتهم هذه المؤشرات الرئيسية "تحديد خصائص منصب العمل الفعلي، وأسباب البطالة، وتحليل درجة كفاية التكوين للوظيفة الفعلية، وتصور أصحاب العمل حول قيمة ونوعية المهارات التي طورها الخريجون".
ويتضمن تصميم الدراسة (المسح) التي ستحدد "نوع العمل الممارس من قبل الخريجين في كل شعبة، وقيمة الراتب"، على وجه الخصوص إستجوابين في أوساط الخريجين من 9 إلى 36 شهرا لدى الخريجين، وسيتم استكمالهما بمعلومات يتم جمعها لدى أصحاب العمل.
وسيتم دعم الدراسة (المسح) في "أوساط المقاولات من خلال استجواب المشاركين في 36 شهرا. وسيتم إطلاق الدراسات النوعية حسب الحاجة"، يشير مخطط الدراسة.