أخبار الدار

عبد النباوي يدعو البرلمانيين إلى التوقف عن مناقشة القضاء “خارج الدستور”

الدار/ مريم بوتوراوت
في الوقت الذي تشعل فيه ملفات تتعلق بالقضاء محطات جدل داخل البرلمان، أكد محمد عبد النباوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، على ضرورة احترام السلطة التشريعية المتمثلة في البرلمان لمبادئ استقلال السلطة القضائية.
وقال عبد النباوي في كلمته خلال الملتقى الثاني للعدالة بالعيون، اليوم السبت، إن "استقلال القضاء، يعني كذلك السلطة التشريعية، لأن الدستور كان صريحاً بالنَّص على استقلال السلطة القضائية عنها".
وتابع المتحدث "ولذلك فإن احترام البرلمان لاستقلال السلطة القضائية هو مجرد التطبيق الحرفي للدستور"، قبل أن يضيف "ولا يتأتى احترام استقلال السلطة القضائية فقط بعدم التدخل في أحكام القضاة ومقرراتهم، وإنما كذلك بالكف عن تناول الشأن القضائي خارج سياق الدستور في نقاشات أعضاء البرلمان".
وأكد عبد النباوي على أن "الدستور لا يسمح للمحاكم بالتداول في مناقشات البرلمان ولا الخوض في مهامه الدستورية، إلا في حدود ما تسمح به القوانين في ظروف محددة كالطعون الانتخابية، أو في حالة ارتكاب بعض المخالفات الجنائية مثلا، والدستور لا يسمح للمحاكم بالتدخل في عمل الحكومة، ولا في عرقلة تصريفها لمهامها، إلاَّ في نطاق الحدود الضيقة التي تقرها القوانين، ولاسيما ما يتعلق بالطعن في القرارات الإدارية والمراسيم التنظيمية".
على صعيد آخر، أشار رئيس النيابة العامة إلى أن "استقلال السلطة القضائية بالمملكة المغربية اليوم هو حقيقة دستورية وقانونية، يجب على الجميع أن يتعاون من أجل جعلها حقيقة واقعية كذلك"، وهو ما يتطلب أن "يلتزم كل طرف من الأطراف السلطوية والمجتمعية بمضمون الدستور".
كما أن استقلال القضاء لا يمكن أن يكون عرضة لنقاشات مجتمعية من طرف أفراد أو جماعات في المجتمع، يضيف عبد النباوي، "وذلك لمجرد تضرر مصالحهم من جراء بعض المقررات القضائية، لأن طبيعة عمل القضاء هي أن ينتصر لخصم ضد خصمه، أو يأخذ من جهة لفائدة الجهة المقابلة، ولا مجال في أحكام القضاء لنظريات اقتسام النقط بالتعادل، كما في بعض الألعاب الرياضية. فَقَدَرُ القضاء أن يَحْكُم لفريقٍ ضد فريق آخر. وقد يصيب وقد يخطئ، ولذلك فإن المقررات القضائية لا تكون قارة ونهائية، إلاَّ بعد خضوعها لمراجعات متعددة، يمكن خلالها تدارك ما فات وإصلاح ما أشكل ومراجعة الأخطاء". 
واسترسل المتحدث "ولذلك لا يمكن إلقاء اللوم على استقلال القضاء كما نلاحظ في بعض الأحوال، لمجرد أن النيابة العامة تابعت شخصاً معينا، ومن يفعلون ذلك يتناسون أن المهمة الأساسية المنوطة بهذه المؤسسة هي إقامة الدعوى العمومية في حق المخالفين للقانون. ولذلك يتساءل قضاة النيابة العامة هل سيتحقق استقلالهم بالعزوف عن متابعة الأشخاص، الذين يشتبه في تورطهم في ارتكاب بعض الجرائم، بسبب مكانتهم الاجتماعية، أو مكانة خصومهم أو ضحاياهم ؟. كما يتساءلون هل سيتحقق استقلالهم إذا عمَدُوا إلى إبطال تطبيق بعض النصوص التجريمية التي تُبدي بشأنها فئاتٌ مجتمعية عدم رضاها، مثل عدم تحريك الدعوى العمومية في حق أشخاص يرتكبون أفعالا يجرمها القانون، بحجة الانتصار لأنماط مختلفة من الحريات ؟".
وخلص المتحدث إلى أنه "يجب أن يعلم المواطنون، أن مثل هذه المتابعات، كانت تتم قبل استقلال النيابة العامة، وستظل تتم في فترة استقلالها، مادام القانون الجنائي يعتبرها جرائم، ويقرر لها عقوبات زجرية لأن مهمة النيابة العامة هي تطبيق القانون، وليس تعطيل أحكامه"، وأن "حدود سلطة الملاءمة يجب أن تظل محكومة بمعايير موضوعية صارمة تراعي الضرر المجتمعي وتماسك الأسر واستقرار المعاملات، وما يوفره الصلح وإصلاح ذات البين من أثر إيجابي على النسيج المجتمعي. ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تصبح الملاءمة متأثرة بنفوذ فئة من فئات المجتمع، تُخْشَى سَطْوَتُها، وما يَتَوَفَّر لها من معرفة باستعمال الوسائط الاجتماعية، فذلك بعينه هو التدخل في استقلال القضاء، الذي يجب استنكاره".

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إحدى عشر − 1 =

زر الذهاب إلى الأعلى