سكان المغرب المنسي على موعد مع الموت كل فصل شتاء
الدار/ فاطمة الزهراء أوعزوز
في الحين الذي ينتظر فيه عدد كبير من سكان المغرب، حلول فصل الشتاء لهطول الثلوج التي يغتنمها الأفراد لالتقاط الصور والاستمتاع بالأجواء الباردة، هناك أشخاص آخرون يخشون هذا الفصل، لا لشيء إلا لأنهم يصبحون عرضة للكثير من المخاطر، بل أكثر من ذلك يكون فصل الشتاء الزمن المحدد الذي يسلمون فيها الروح إلى بارئها، بسبب شدة البرد، التي تصبح معه الحياة أمرا مستحيلا.
كثيرة هي المعيقات التي يشتد أزرها كلما تساقطت الثلوج في المغرب، خصوصا في المناطق الجبلية التي تعاني التهمييش، في ظل انعدام الحلول البنيوية الأمر الذي يصبح سببا مباشرا في فقدان مجموعة من المواطنين المغاربة في مناطق نائية، لم نكن لنعرف مسمياتها لولا الوفيات المتتالية التي أصبح لها موعدا مع فصل الشتاء لتعلن ترجلها عن الحياة.
أكثر من ذلك فإن الفئات المستهدفة من موجات البرد، والتي تسجل حوالي 10 إلى 20 وفاة هن النساء الحوامل، وهذا الأمر هو الذي تثبته إحدى الدراسات التي أجريت سنة 2015، وللإشارة ففي ظل غياب المعطيات الدقيقة والتي تتجدد على مدار السنة، يظل هذا المعطى تقريبيا لا أكثر، خصوصا وأن عدد الضحايا الذي يتم تسجيله سنويا يفوق هذا العدد بعشرات المرات. والسبب في ذلك مرده لإلى انعدام الولوجيات والطرق المعبدة لنقل النساء الحوامل حال وصول موعد الولادة.
إن السؤال المثار في هذا الصدد، هو: ماهي المجهودات التي تقوم بها الدولة في أفق مواجهة هذا التحدي؟ وهل هناك وعي بأهمية إعادة الاعتبار لهذا الجزء غير "النافع من المغرب" الذي يستنزف العديد من الأرواح مع حلول فصل الشتاء من كل سنة.
هذا لا ينفي وجود مجموعة من المساعدات الغذائية، التي تصل إلى سكان المناطق الجبلية، غير أنها لا تترجم قدر الحاجة الكبيرة التي تطال هذه الفئة، كيف لا وهي لا تقتصر فقط على القليل من الزاد الذي قد يعيل العائلة لبضة أيام لا أكثر، فهي مؤونة متواضعة تضم قنينة زيت، ودقيق إلى جانب بعض المواد الغذائية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، إلى جانب مجموعة من المبادرات الرسمية التي تبادر تدشين المستشفيات، هذه الأخيرة التي لا تتريث في إغلاق أبوابها فقط بعد مرور بضعة أيام من التدشين، لتظل أبوابها موصدة في وجه المرضى الذين لا يتوجهون إليها إلا نادرا لأنهم يدكون حتما أنها مغلقة.
وتفيد بعض الجهات الحقوقية التي ترعى هذا الملف، أن سكان المناطق الجبلية هم في أمس الحاجة إلى التوصل بحقوقهم كاملة، دون أي بتر أو انتقاص، معتبرين أن ما يتم تقديمه من مؤونة ومساعدات غذائية، يدخل في خانة الإحسان التي يرفضونها المواطنون رفضا قطعيا، خصوصا وأنهل لا تتجاوز حدود الأفق المحدود والقاصر الذي لا يكون بوسعه أن يستجيب لمتطلبات الساكنة، لتظل حبيسة العمل الإحساني.
أما بخصوص الساكنة التي تقطن هذه المناطق، فمعظم المتدخلين يفيدون، أن المناطق الجبلية تكاد تكون سجنا كبيرا يحبس الأنفاس، ويكون سببا في وفاة العديد من المواطنين دون أن يقام لهم أي اعتبار يذكر، أما بخصوص الخدمات الصحية فقد ثبت أنها متردية لا ترقى للمستوى المطلوب.
هذا ويشار أن الأزمة التي تطال ساكنة المناطق القروية تزيد سنة بعد أخرى، خصوصا وأن هذه الساكنة تؤكد أن النظر إليها لازال قائما كرعاة، رحل متنقلون، ولم يرتقوا بعد إلى مستوى المواطنين، الأمر الذي يعتبرونه مدعاة أساسية تحملهم للمطالبة بحقوقهم جميعها دون تخاذل أو تقصير.