المواطن

احتجاجات التلاميذ.. جيل جديد متأثر بالألتراس

الدار/ سعيد المرابط

أضيفت الساعة، فأزفت ساعة خروج المئات من تلاميذ المدارس في كل ربوع المغرب، في مظاهرات إحتجت على القرار الحكومي القاضي بإعتماد التوقيت الصيفي طول السنة، والإبقاء على الساعة الإضافية.

خروج التلاميذ للشارع، ضد قرار حكومة العثماني، أعاد للذاكرة المغربية، صور إنتفاضة 1984 بالمغرب، والمعروفة أيضا بإنتفاضة الخبز أو إنتفاضة الجوع أو إنتفاضة التلاميذ، هي مجموعة من الحركات الإحتجاجية التي اندلعت في الـ19 من يناير 1984 بمجموعة من المدن المغربية، بلغت ذروتها في الدار البيضاء.

 

 

ومن الذاكرة القديمة، انتقلت الذكرى بالمغاربة، نحو شباب حركة عشرين فبراير، التي كانت وراء خروج المواطنين في 20 فبراير سنة 2011، في مظاهرات بكل ربوع المملكة، للمطالبة ببالعدالة والحقوق الإجتماعية، وبدستور جديد يمثل الإرادة الحقيقية للشعب، وحل الحكومة والبرلمان وتشكيل حكومة انتقالية مؤقتة تخضع لإرادة الشعب.

هذه الذكريات المغربية، لم تأتي اعتباطياً، بل للمقارنة، بين من صاروا أجداداً، ربما، لهؤلاء التلاميذ، ومن صاروا، ربما أيضاً؛ أباءهم، وهذه المقارنة جاءت متن صفحات مواقع التواصل الإجتماعي، متعدد القراءات وزوايا النظر.

 

جيل هادر بحلم أزرق

في هذا الصدد، يقول ”عبد المجيد بلغزال“ الناشط الحقوقي، والمناضل السابق، في صفوف حركة ”إلى الإمام“ المغربية، في تدوينة كتبها على جدار صفحته الشخصية فيسبوك: ”إحتجاج التلاميذ والتلميذات اليوم وإن سعى البعض إلى استضغارها فإنه يقدم تمرينا جيدا لجيل ما بعد الألفين، شريطة أن يستوعب الجميع، كل من موقع مسؤوليته كيفية التعاطي الإيجابي مع ما يجري“.

واعتبر بلغزال، عضو المجلس الملكي الإستشاري لشؤون الصّحراء: ”هذا الجيل الهادر بحلم أزرق هو الذي طالما نظرنا إليه بكثير من الإستصغار والدونية وكثيرا ما اتخدنا من الشكل والمظهر عنوانا للتجني على جيل موهوب حالم، بحيث تصبح طريقة قص الشعر ونوعية اللباس عنوانا للتحقير والتجني“.

وأضاف ذات المصدر: ”للتذكير فقد سبق لبعضنا على الأقل أن نفض اليد من الشباب، لكن حينما خرجت أجيال  عشرين فبراير كالموج الدافق تملأ الشوارع في المدن والبوادي بشكل حضاري، تواطأ اليائسون في الدولة والأحزاب ضد هذه الدينامية، فالدولة جندت العصا والجزرة وجيشت البلطجية ضد الشباب الحالم، والأحزاب توزع تواطؤها بينما تسعى لتسقيف الإحتجاج، وبين من تستر بأشكال الدعم والمساندة، ليستثمر اللحظة في إتجاه اخضاع الشباب الحر الهادر لقوالب تعاني من الصدأ وغير قادرة على خلق شروط التفاعل مع دينامية الشباب“.

 

 

قطيع التلاميذ بدل قطاع التلاميذ

 

وفي السياق ذاته، كتب الصحفي، رشيد البلغيثي، تدوينة أخرى، جاء فيها: ”سيأتي يوم نسن فيه سياسات لمحاربة السعار في صفوف التلاميذ وسنطلق عليهم وصف "قطيع التلاميذ" بدل "قطاع التلاميذ"، سيكون المشروع تحت إشراف وزارة الفلاحة والصيد البحري والمياه والغابات والتنمية القروية ووزارة الداخلية ثم بعدهما وزارة التربية الوطنية!“.

وأضاف البلغيثي: ”سنحمل مسؤولية السعار للتلاميذ وحدهم وسنوضح مجهود وزارتي الفلاحة والداخلية الجبار في تعميم حملات اللقاح وتوفير الكميات اللازمة من الحقن!
سيتحول همنا، قريبا، إلى نقاش مجهود الدولة في استحضار معايير الحظيرة النموذجية وسنرسم هندسة الحجر بدل الحجرات وننسى المدرسة العمومية تماما ومعاييرها ودورها في بناء الأمم، وستحتاج الأقسام إلى أقفاص وقد يحمل رجال ونساء التعليم المناشير بدل الطباشير وصفارات لوقف النباح بعدما إنطفأ الصياح، وحدهم التلاميذ مسؤولون؛ اليوم، عن خراب مصعد الترقي في المدرسة العمومية والساعة الإضافية والضريبة الإضافية والخطيئة الإضافية!“. 

جيل الألتراس.. هوة جيلية في القيم، الرموز والمعنى

ومن جهة أخرى، اعتبر خالد البكاري، الناشط المغربي، أنه ”عوض شتم التلاميذ الذين تعاملوا مع "العلم الوطني" بقلة نضج (حسب "تربية" جيلنا)، لا تدرك التبعات القانونية لفعلهم، كان الأجدر التوقف والتأمل في هذه الهوة الجيلية على مستوى القيم والرموز والمعنى، هناك سوء فهم كبير، والذين يتحدثون عن "قلة التربية" و"التسلكيط" يمتحون من قاموس ينتمي لمرحلة "العصا خرجات من الجنة"، ومرحلة الكل "يصرفقك" أبا كان أم عما أو حتى جارا“.

وأضاف البكاري في تدوينته: ”منطلق الاحتجاجات كان مشروعا، وأنه لا داعي ولا فائدة من ممارسة الوصاية على التلاميذ، ولكن كمراقب فقط، أفكر كثيرا في هذه المفارقة: خمسة أيام من شلل شبه كلي في المدارس العمومية يقابله انتظام الدراسة في المدارس الخاصة، تلاميذ "البروليتاريا" في الشوارع، وتلاميذ طبقات أخرى في مدارسهم، دون أن نغفل عن استقالة جماعية لجمعيات الآباء والنقابات عن مواجهة هذا التوقيت المفروض، وترك التلاميذ في الواجهة، الحكومة بدورها لا تريد الإعتراف بأن قرارها "احمق" أو أنها "تتحامق"، ما معنى تثبيت التوقيت الصيفي إذا كانت الدراسة والعمل في المؤسسات العمومية سينطلقان في التاسعة صباحا؟، قرار خلق فتنة مجتمعية، قرار أنتج لنا مشهد تلاميذ خارج الأقسام، يحتلون الشوارع، وفي غياب التأطير والمرافقة، وبالنظر لإكراهات المراهقة فيظل الوضع مفتوحا على كل الاحتمالات، بما فيها الانزلاق نحو التخريب، والسؤال ليس هل هؤلاء التلاميذ على حق أم لا، هل يمتلكون وعيا أم لا، هل يحتجون فعلا أم يهربون من المدرسة (لماذا يفرون من المدرسة إذا كان هذا صحيحا)، في اعتقادي أن ما وقع بإيجابياته وسلبياته هي مناسبة للوعي اننا أمام جيل جديد متأثر بثقافة الألتراس“.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة × 5 =

زر الذهاب إلى الأعلى