المواطن

دراسة: الحدود الإسبانية المغربية وجدلية الهوية في سبتة وتطوان

الدار/ سعيد المرابط

تشغل جدلية الهوّية، حيّزاً غير قليل في الثقافة والفكر، في دراسات العلوم السياسية، القانون وعلم الاجتماع؛ خصوصاً في ظل الجدل الذي ارتفعت وتيرته منذ ما يزيد على ربع قرنٍ، سواءً على المستوى الداخلي أو الدولي، في إطار مجتمعات متعدّدة التكوينات والهوّيات، حتى أن غالبية الباحثين، يصرون على أن العالم كله، من أقصاه إلى أقصاه، يعاني من “أزمة هوية”.

كيف يقوم الأشخاص الذين يعبرون الحدود عادة بين إسبانيا والمغرب ببناء هويتهم؟ كان هذا أحد الأسئلة التي تهدف إلى الإجابة عنها أطروحة “الهوية على الحدود بين سبتة وتطوان”، من قبل الباحثة في جامعة إشبيلية “أليسيا إسبانيول نوغيرو”.
وبعد أشهر من الدراسة الميدانية بين عامي 2015 و2016، قدمت الباحثة الإسبانية عملها قبل أسبوع. 
وفي ذلك، حددت ما مجموعه 36 مجموعة من الناس وفقا لنشاط أو لسبب عبور الحدود الاسبانية-المغربية، والتي جمعت وفقا لإنتظام المرور من جانب إلى آخر.

وفي الدراسة، كشفت أنه يختلف العبور بين الناس؛ حاملون، تجار، مهربين، خدم المنازل، وطلاب الجامعات والموظفين والمهنيين، التسوق في بعض الأحيان، السياحة، وزيارة الأقارب.
يحافظ أحد الاستنتاجات الرئيسية للبحث؛ على خط العديد من الطلاب في “المنطقة الحدودية”؛ حيث أن حالة الحدود تؤثر بشكل مباشر على حياة وعقلية الناس، حسب ما ذهبت إليه دراسة الأطروحة.

كشف البحث أن الأشخاص الذين أجريت معهم المقابلات، بشكل عام، “يرفضون” “شعب الحدود”.

كل هذه التشكيلات التي تُنظّم المجتمع السبتي والتطواني، على الرغم من اعتمادها على السياق أو اللحظة، يمكن لأي شخص تبني العديد من هذه الأدوار. 
ووفقا للباحثة، في العديد من مقابلاتها وجدت حالات من الناس الذين يحاولون أن يعيشوا خارج معبر حدودي يعلنونه، بل أن البعض منهم لم يزر الجانب الآخر: “بعض الناس يريدون وضع جدار وغير مهتم في ما يكمن وراءه، وهناك أشخاص يحاولون هدم تلك الحدود والسعي إلى الاتّصال مع الطرف الآخر”. وفي رأيه أن هذه الحدود نموذجية: “فهي من ناحية منفصلة، وفي نفس الوقت تولد الإتحاد والاستمرارية”. ومن بين أولئك الذين يراهنون على مواجهة الواقع ويتخذون الخطوة كشيء إيجابي، تعتبر سبتة مدينة متشظية الهوية، وذات علاقات -غالباً ما تكون مألوفة – مع المغرب.

ووجد البحث استنتاجات تتوافق مع الدراسات السابقة، وأوضح ما في الأمر، من وجهة النظر النفسية، أن العيش اليومي بالقرب من الحدود له عواقبه؛ هذا ما سبق أن شرحه “كينا إسبينيرا”، الذي وسع الحدود الجغرافية أيضا: “لن تكون الحدود في السياج والمحيط فحسب، بل ستتسع هذه الروح”. حيث يقوم الناس بإنتاج السياج بينهم وإعادة إنتاجه وهناك خصائص تمتد في إسبانيا إلى وسط البلاد، لجميع المناطق المتأثرة بالهجرة غير الشرعية.

وعلى الحدود بين المكسيك والولايات المتحدة، وهي منطقة مرجعية في هذا النوع من الدراسات، كان هناك حديث عن ثقافة حدودية، الهوية والفخر الحدودي. 
وفي حالة تطوان وسبتة، وجدت الباحثة الإسبانية رفضا منهجيا لأولئك “الناس المنحدرين من الحدود“، ف الأشخاص الذين تمت مقابلتهم في حدود “تاراخال”، يعتبرونهم “شيء كريها”، أو “قذراً”،أو “غير أخلاقي“، إلى درجة أنهم لا يرغبون في تحديده.

المكسيك ومثال المدن التوأم

حدود المكسيك والولايات المتحدة هي المكان الأكثر بحثاً للمنظرين في هذا النوع من الدراسات. 

وسطر “بابلو فيا”، في أحد تحقيقاته، مع مفهوم جديداً ، استخدمته الإسبانية “آليسيا” في أطروحتها، وهو “المدن التوأم”، التي تتطور على طول الخط الذي يفصل بين البلدين، والتي تجدها آهلة بسكانها ينمون قريباً جدا من المنطقة المجاورة على الجانب الآخر ولكن على بعد عدة كيلومترات.
وخلصت الأطروحة، إلى وجود نمطان من الشعوب؛ التي تحتاج بعضها البعض، وتنشد “الحدود المعززة”- يريدون تعزيز الحدود -وأخرى منغلقة، ترنوا إلى “الحدود العابرة”- فهم يريدون تمزيقهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة × واحد =

زر الذهاب إلى الأعلى