المواطن

تحقيق.. خطر يهدد الحياة في مدينة القنيطرة

الدار/ تحقيق: أمين بوحولي

من أجل التقليص تبدل الدولة مجهودا للتقليص من نسبة التلوث الناجم عن طرح المياه العادمة في وادي سبو بمدينة القنيطرة، وآخرها المتمثلة في إنشاء محطة معالجة المياه العادمة بالمنطقة، من أجل الحد من ظاهرة التلوث على مستوى حوض وادي سبو حيث يندرج إحداثها في إطار المخطط الاستراتيجي للتنمية المندمجة والمستدامة لإقليم القنيطرة 2015-2020 الذي أطلقه الملك محمد السادس في أبريل 2015، حيث أعلنت الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء والتطهير السائل للقنيطرة، أنه سيتم تشغيل محطة معالجة المياه العادمة بالمدينة متم سنة 2018، باستثمار يقدر بحوالي 600 مليون درهم. وأوضح الوكالة أن مشروع معالجة المياه العادمة بالقنيطرة يهدف إلى القضاء على كل ما تحمله المياه العادمة في القنيطرة والمهدية والجماعات القروية سيدي الطيبي، إلى وادي سبو…
 

 … (رغم ذلك) لاتزال مدينة القنيطرة تشهد ظاهرة مياه المستنقعات الراكدة والملوثة، المملوئة بالجراثيم والميكروبات، التي تهدد جودة الفرشاة المائية الباطنية للمنطقة، مشكلة تهديدا خطيرا على صحة الساكنة، في أي لحظة بحمى المستنقعات، يؤكد الخبير البيئي، بالبشير عزوز، نائب رئيس تنسيقية جمعيات المجتمع المدني بالقنيطرة المكلف بالشؤون البيئية، في حوار ميداني مع "الدار"، بمنطقة القنيطرة.
 

"إذن، ما مدى خطورة المستتقعات الراكدة الملوثة على المجال البيولوجي والبيئي والصحي لمدينة القنيطرة ؟"

سنة 1919.. حمى المستنقعات تصيب منطقة الغرب 
أشار الخبير البيئي بالبشير عزوز، نائب رئيس تنسيقية جمعيات المجتمع المدني بالقنيطرة المكلف بالشؤون البيئية إلى أن في سنة 1919 أصيب بمنطقة الغرب 20 جنديا فرنسيا بحمى المستنقعات، وفي سنوات السبعينات، أيضا، يسجل المتحدث نفسه، أصيبت منطقة الغرب بوباء الكوليرا، بسبب المياه الراكدة الملوثة، ذات الرائحة الكريهة، بسسب تكاثر البكتيريات بالوسط المائي، خاصة بكتيريا "سيلفيتوريدكتريس"، التي تتسبب في انتشار الفيروسات الخطيرة التي تخلف وراءها كوارث صحية وبيئية. يشدد المصدر نفسه.

 

 وأبرز نائب رئيس تنسيقية جمعيات المجتمع المدني بالقنيطرة المكلف بالشؤون البيئية، أن التلوث البيئي مسّ المنطقة الشمالية لمرجة الصفصاف التي تمتد إلى مرجة العلوي، بمساحة 2000 هكتار، لتصل إلى المنطقة الجنوبية لمرجة الفورات التي تم إدراجها ضمن لائحة المناطق الرطبة ذات الأهمية الايكولوجية على الصعيد العالمي.، مضيفا أن الخطر يتمثل في المستنقعات والمياه الراكدة التي تقطع شارع محمد الخامس، يشرح الخبير البيئي، قائلا: "لأن مستوى علو جنبات واد سبو من الناحية الطبوغرافية يفوق بكثير من مستوى علو مرجة الفوارات". 


 

وأضاف بالبشير، أنه تم إنشاء قنوات للتفريغ والتجفيف، في سنوات الثلاثينات، انطلاقا من منطقة النخاخسة، ثم إلى مرجة العروي مرورا بقناة مرجة الفورات التي تمتد في المنطقة الجنوبية على مسافة 4 كليومترات ونصف، للحفاظ على المياه الباطنية الجوفية الصالحة للشرب، حيث كانت هذه القنوات تلعب دورا مهما في تجفيف المياه السطحية الراكدة، مشيرا إلى أن جنباتها وصل علوها إلى 4 أمتار ونصف بالنسبة لمستوى البحر، منبها إلى أن مرجة الفوارت تمتد على مساحة 180 هكتار من المياه السطحية الملوثة.  
 

سنة 1970.. تدهور قنوات التجفيف والتفريغ 
وأوضح الخبير البيئي أنه بعد فيضانات سنة 1970 التي عرفتها منطقة الغرب، تدهورت قنوات التجفيف والتفريغ ولم يتم ترميمها، مؤكدا أن المنطقة الجنوبية كانت مجففة 100 في المائة، يشرح بالبشير، "بهدف الحفاظ على جودة المياه الجوفية الصالحة للشرب حيث أن منطقة القنيطرة تضم أكبر وأغنى فرشاة مائية في المغرب.. بئر الفورات وبئر سيدي أحمد الطالب.. اللذان يبعدان عن بعضهما بـ2 كيلومترات.. وإذا لم يتم تجفيف المياه السطحية، الآن وعلى وجه السرعة.. فإن الفرشاة المائية الجوفية مهددة بالتلوث.. وبالتالي موت الغطاء النباتي المجاور للمرجات.. محذرا من خطر فيضانات المرجات الملوثة، التي تهدد التجزئات السكنية ومجموعة من المؤسسات التعليمية في فصل الشتاء".  


 

عدد من الفلاحين يستغلون مياه المرجات الملوثة في السقي
وحذر المصدر نفسه، من أن عددا من الفلاحين يستعملون مياه المرجات الملوثة، بالقنيطرة، على غرار واد "فويي" عند التقائه مع "مرجة الفوارات"، متجها نحو المنطقة الجنوبية الذي يستغل في سقي أشجار الفواكه، الأمر يلحق أضرارا بها، داعيا إلى أن تحويل قناة الفوارات إلى قناة ثانوية بعد ترميمها، مع إنجاز شبكة باطنية لتجفيف الفرشة الشبه السطحية، حيث أصبح من الضروري، يؤكد بالبشير، "تفادي الخطر البيئي على مستوى هذه المنطقة الهيدرولوجية الهامة جدا على المستوى الوطني".

وأوضح المتحدث أن المنظمة الدولية للصحة راسلت المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بالغرب، في سنوات السبعينات والستينات، من أجل تجفيف المرجات بالمنطقة، خاصة مرجة الفوارات، نظرا للكثافة السكانية المحيطة بها، مشيرا إلى أن حوض الفوارات يمتد على مساحة 30 هكتار.


 

وأكد بالبشير أن نقطة انطلاق مياه قناة الفوارات في اتجاه نهر سبو، بالجهة الشمالية للمرجة، تعرف ركودا لكمية كبيرة من المياه الملوثة فوق القناة، محذرا من تواجد هذه المرجة الملوثة بالقرب من محطة معالجة وتوزيع مياه الصالحة للشرب بمنطقة "عين السبع 2" بالقنيطرة، معتبرا أن هذه الوضعية ممنوعة قانونيا ودوليا، يشدد الخبير البيئي، قائلا: "لأنها تشكل خطرا على عمل المحطة، وأطلب من المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، أن ينتبه لهذا المؤشر البيئي الخطير، وأن يعتمد على دراسات المهندس الفرنسي ميشيل كومب، الذي توقع هذه الإشكاليات البيئية، مقدما حلولا علمية وتقنية فعالة لتجاوزها، بهدف حماية الفرشاة المائية الصالحة للشرب، المتواجدة في عمق 67 مترا تحت سطح الأرض"، حسب المتحدث نفسه. 


 

انقراض سمك الشابل من نهر سبو
من جهته، قال الجيلالي الكريم، من ساكنة منطقة عين السبع "2" بالقنيطرة، المحادية لمرجة الفوارات الملوثة، في تصريح لـ "الدار"، إن تلوث المرجات أدى إلى انتشار الأمراض، والروائح الكريهة، مشيرا إلى أن المعنيين بالأمر لم يقدموا حلولا لهذه الوضعية، مؤكدا انتشار العديد من الحشرات الضارة، متأسفا في الان نفسه، لانقراض سمك "الشابل" من النهر. في السياق نفسه، قالت عزيزة القديوي، من ساكنة منطقة عين السبع "2"، إن بيتها تمر بجانبه قناة للصرف صحي تصب في مرجة الفوارات، الأمر الذي أدى إلى مرض زوجها وأبنائها، داعية الجهات المعنية إلى إنقاذ المنطقة من خطر التلوث".  

روائح كريهة وأمراض تتسبب فيها مياه المرجات الملوثة  
من جانبه، قال عيسى شاب من ساكنة المنطقة نفسها، إنه قبل ثلاثين عاما كانت مرجة عين السبع 2 بالقنيطرة، نظيفة، حيث كان المكتب الوطني للماء الصالح للشرب يفرغ الماء العذب الفائض، بوسط المرجة، مشيرا إلى أنه ابتداء من سنة 1998 بدأت المنطقة المنطقة عرفت إعادة الهيكلة وإحداث شبكة قنوات للصرف الصحي، الأمر الذي أدى إلى تلوث مرجة عين السبع 2 بالكامل، وانبعاث روائح كريهة، ما دفع بالطيور المهاجرة إلى الهروب بعيدا من هذه المنطقة الطبيعية، مؤكدا أن الساكنة لا تستطيع الاقتراب منها، مشيرا إلى أن المنطقة تضم في باطنها فرشاة مائية حيث يمنع إنشاء بنايات سكنية أو منشئات صناعية فوقها،  يندد عيسى، مخاطبا المسؤولين، "نحن نعاني من الأمراض التنفسية، وتكاثر الذباب، ونفوق بعض الحيوانات والطيور التي تسببت فيها مياه هذه المرجة الملوثة".. والغريب في الأمر يتسائل عيسى:" كيف يعقل وجود محطة لمعالجة وتوزيع المياه الصالحة للشرب بالمحاذاة مع مرجة ملوثة، مع العلم أن المحطة مشيدة فوق فرشاة مائية"، داعيا، في الوقت نفسه، المسؤولين إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة بأسرع وقت ممكن، لإنقاذ المنطقة من التطورات والتبعات الخطيرة لهذا التلوث، الذي تسبب في كارثة بيئية.  

 

حقيقة واقع المرجات بالقنيطرة.. والالتزامات البيئية للمغرب دوليا
يتضح إذن أن مرجة الفوارات، التي تعد أهم مرجة بمدينة القنيطرة، تعاني من تفاقم خطر تلوث المياه العادمة الراكدة، الأمر الذي انعكس على صحة الساكنة المجاورة لها، وكذا على الكائنات الحية، مشكلا في الوقت نفسه، تهديدا خطيرا للفرشاة المائية الصالحة للشرب، في المقابل، يطمح المغرب في أفق 2024 إلى بلوغ 30 موقعا بهدف إدراجها ضمن قائمة المناطق الرطبة ذات الأهمية الإيكولوجية على الصعيد الدولي، مشيرا إلى أن المغرب قد انتقل من 4 مواقع سنة 2000 إلى أكثر من 24 موقعا من المناطق الرطبة ذات الأهمية الإيكولوجية على الصعيد الدولي سنة 2015، وذلك في إطار الاستراتيجية الوطنية للمناطق الرطبة للعشرية 2015-2024 للمندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر.   

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

13 − 7 =

زر الذهاب إلى الأعلى