أخبار الدار

تحليل إخباري: ‘‘مائدة الصحراء’’.. ماذا ننتظر بعد ست سنوات؟

الدار/ سعيد المرابط

وصلت الوفود الممثلة للمغرب وجبهة البوليساريو، للجلوس بمدينة جنيف السويسرية، في اجتماع مائدة مستديرة، تستضيفه، الأمم المتحدة وبحضور موريتانيا والجزائر، كدول مراقبة. 
ووكانت آخر محادثات، عقدت بين المغرب وجبهة البوليساريو في مانهاست، بالولايات المتحدة، في شهر مارس 2012، وظلت المواقف بعدها كما قبلها، دون تغيير في صراع دام أكثر من أربعة عقود.

فيما يلي بعض العناصر الأساسية لهذا الصراع، تقدمها “الدار”، في التقرير التالي:

ما الذي يتفاوض عليه في اجتماع جنيف؟

رسميا هي طاولة مستديرة، وليست مفاوضات، وسيكون الهدف منها  وضع خطة عمل، يمكن أن تؤدي إلى إجراء مفاوضات رسمية، وتحديد اجتماع آخر في المستقبل. 
وقد طلب المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء، الألماني هورست كولر، من الطرفين الحصول على أقصى قدر من حرية التصرف.

يشير المحامي والخبير المغربي في القضية، نوفل البعمري إلى أن المهم في جنيف “هو التغلب على مختلف الأخطاء التي ارتكبت في مفاوضات مانهاست، والتي أصبحت عديمة الجدوى بسبب عدم وجود جدول أعمال واضح ودقيق”.

طاولة النوايا والخطابات 

ويرى كريم عايش، عضو مركز الرباط للدراسات الإستراتيجية، في حديث لصحيفة ”الدار“، أن الطاولة المستديرة المنعقدة بجنيف، مناسبة لوضع نوايا وخطابات البوليساريو والجزائر على المحك، حتى تبرز صدقيتها، وهي أيضاً المناسبة الأمثل لوضع كل النقاط المحورية والتي تحرك قضية الصحراء على طاولة النقاش، قصد تحديد جدول أعمال وإبراز المواضيع الجديرة بالوصول إلى رزنامة اتفاقات ثنائية وجماعية للسير قدما نحو حل للقضية.

ما هي المواقف التي يتخذها المغرب وجبهة البوليساريو في جنيف؟

يعرض المغرب فقط الحكم الذاتي، تحت سيادة المملكة المغربية، وهذا ما يسميه المغرب “اقتراح واقعي”.
ومن جانبها أشارت جبهة البوليساريو، من خلال المتحدث باسمها، إلى أنها منفتحة على “جميع إمكانيات الحل، طالما أن تقرير المصير والاستقلال موجودان”.

ما هو الموقف الذي تدافع عنه الجزائر؟

لا يزال دعم الجزائر لجبهة البوليساريو حازماً وراديكالياً، فهي الداعم المادي والمعنوي لها، وقد طالب المغرب دائماً إشراك الجزائر بشكل مباشر في المفاوضات، لأنه يعتبر أنها العنصر الحاسم في الصراع. وتعتبر الرباط بالفعل، أنه  انتصار دبلوماسي، لحقيقة تورطها في الصراع، عبر جلوسها على الطاولة.
بينما ترى جبهة البوليساريو أن إشراك الجزائر بشكل مباشر، هو تحويل القضية، إلى “صراع إقليمي”، بين الجزائر والمغرب، وهذا من شأنه أن يقضي على جبهة البوليساريو، كمحاور يتحدث دائما بالنيابة عن سكان الصحراء.

ما هو موقف موريتانيا؟

يقول المحامي محمد ولد امين لصحيفة “الدار” أن موريتانيا “تعتبر نفسها طرفاً محايداً، وتدعم العملية السياسية في إطار الأمم المتحدة”، مضيفاً، “المغرب لم يكن لديه أي مشكل مع موريتانيا. وللأسف، من يلعب دورًا سلبيًا في الصراع هو الجزائر”.
وتتحدث موريتانيا دائمًا عن “الحياد الإيجابي”، “اعتماداً على السياق الإقليمي”، حيث تقول موريتانيا أحياناً إنها تدعم حل النزاع في إطار الأمم المتحدة، وفي أحيان أخرى تقول للبوليساريو، أن الحل هو “الاستفتاء على تقرير المصير”، ولم تدين موريتانيا أبدا جبهة البوليساريو، لا في العلن ولا في السر، أثناء تبلور مشكلة “الكركرات”.
وتجدر الإشارة أن موريتانيا معترفة بجمهورية البوليساريو، المعلنة من طرف واحد، وغير المعترف بها أمنياً، منذ 1979، بعد توقف المعارك بينهما، في فترة حكم محمد خونا ولد هيدالة.

ما هو دور الولايات المتحدة في الصراع؟

تعتبر الولايات المتحدة، مسؤولة عن صياغة قرارات مجلس الأمن، حول النزاع كل عام، كما هو متفق عليه في خطة السلام الموقعة عام 1991.
ودعمت إدارة دونالد ترامب بقوة جهود المبعوث الخاص كولر، لتأمين اجتماع جنيف. 
ثم إن جبهة البوليساريو مقتنعة بأن الأمريكي جون بولتون، كان دائماً مواتياً جداً لمزاعمها.

ما هو موقف روسيا؟

ويقدر متتبعون، امتناع روسيا عن التصويت في القرار الأخير لمجلس الأمن، في أكتوبر على أنه؛ طريقة للاحتجاج على مدى التوافق في رسالة الأمم المتحدة مع فرنسا، الحليف الرئيسي للمغرب بين الأعضاء الخمسة الدائمين، بالمجلس.
ويعتبر الموقف الروسي موقف البحث عن موطأ قدم في الصراع، لا يهمها مع من تكون، رغم أن عراب البوليساريو، الجزائر، تعتبر زبونا وفيا لسوق الأسلحة الروسي.

ويؤكد هذا، ما أشار إليه الصحفي الصحراوي، المعارض للبوليساريو، سعيد زروال؛ أن روسيا لم تعارض قرار الأمم المتحدة “حيث لم يرد ذكر الاستفتاء حول تقرير المصير”.

لماذا لم تعد الأمم المتحدة تتحدث عن استفتاء حول تقرير المصير؟

على الرغم من حقيقة أن بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء، (مينورسو) كانت تتحدث منذ إنشائها في عام 1991، عن إحصاء السكان، فإن قرارات الأمم المتحدة بالكاد تتحدث عن استفتاء. 
وفي الواقع، فإن قرار الـ31 أكتوبر الماضي، ذكر فقط الاسم الكامل للـ“مينورسو” مرة واحدة.

ويرى المدافعون عن الصحراء المغربية، مثل داهي أكاي، رئيس جمعية مفقودي سجون البوليساريو، “أن الأمم المتحدة تدرك أن الحل الواقعي الوحيد هو الحكم الذاتي”، مضيفاً في حديثه لـ“لدار ”، أن الأمم المتحدة “تعرف أن دولة مستقلة في جنوب المغرب ستشكل خطراً وتهديداً للسلام في المنطقة”.
في ذات السياق، قال محمد الشيخ بيد الله، في حوار له مع ‘‘يورونيوز’’، أن الصحراويين في تندوف، “يمثلون  20٪ فقط”، لكن أولئك الذين “يوجدون في الإقليم هم 80٪”، ولديهم مجالس، ويقودون المجتمعات، ولديهم رؤساء في منطقتين، ولديهم ممثلون في البرلمان، ولديهم رؤساء لجنة الشؤون الخارجية في غرفة المجلس.

صراعات جيوستراتيجية إقليمية ودولية

وبالعودة لطاولة جنيف، يشدد المحلل السياسي، كريم عايش، على أن لا نستبق الأحداث الآن ونبقى متفائلين، بعد أن أضحى الملف في مرمى صراعات جيوستراتيجية إقليمية ودولية، وسط وضع سياسي غير مستقر بالجزائر وليبيا وحذر بموريتانيا.
مضيفاً، قد يحدث  أن يتم الإتفاق على تسطير نقاط النقاش وعقد جلسة أولية للمفاوضات بمكان محايد، وينطلق مسلسل التسوية، فمن يدري لربما الأمور قد تغيرت مع ما يحدث للقيادة الجزائرية من هزات وللبوليساريو من انتكاسات متتالية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

1 + 10 =

زر الذهاب إلى الأعلى