أخبار دولية

الجزائر.. الباب الصامت للهجرة غير النظامية نحو أوروبا

الدار/ سعيد المرابط

تختبئ أمينة، وهي امرأة شابة من جنوب الصحراء، لا تكاد تبلغ من العمر 20 سنة، في أحد أفقر أحياء الجزائر العاصمة، قبل أن تجلس على الأرض وهي تتحدث.

شاهدت العديد من الرجال والنساء الآخرين يتجولون في المنطقة دون أن يظهروا من جديد ، ويخافون من الوقوع في أيدي الشرطة الجزائرية ، التي تلاحق بلا هوادة، هؤلاء المهاجرين غير النظاميين.
خصوصا في المناطق الجبلية، الأقل سكانا، والبعيدة عن صخب العاصمة، التي شهدت هجرة صامتة، زمن الحرب التي أضرت المناطق الريفية والجبلية، في وسط وجنوب الجزائر، وفقا لنشطاء حقوق الإنسان المحليين.

هروب من الفقر والبطالة

وُلدت أمينة، بقرية صغيرة، في شرق الكاميرون، ونزحت رفقة آخرين من عشيرتها، هرباً من عنف الجماعة الجهادية “بوكو حرام”، التي تخترق من جهة نيجيريا شمال وشرق البلاد.

“ومنهم من قضى نحبه في الطريق، إلى الجزائر.. جئت مع شقيقتي إلى هنا، نعم، وهدفنا لا يزال هو السفر إلى أوروبا، ولكن ليس لدينا المال، ونحن خائفون”، تؤكد بخيط من الصوت منخفض.
وتمثل شهادتها، جزءاً من التاريخ المأساوي والتراجيدي لآلاف المهاجرين المحاصرين في الجزائر، التي هي، كذلك، مثل بقية دول شمال أفريقيا، واحدة من نوى الهجرة غير النظامية إلى أوروبا.
يسعى الكثير، من أفارقة جنوب الصحراء، من الكاميرون، مالي، النيجر، نيجيريا وبوركينا فاسو، إلى عبور الجزائر، هرباً من الفقر والبطالة في بلدانهم.
وحسب سِجل المنظمة الدولية للهجرة (IOM)، سنة 2016، وصل عدد اللاجئين وطالبي اللجوء أثناء تقدير المنظمات غير الحكومية الدولية والمحلية، إلى أكثر مِن 90 ألف، وعشرات الآلاف يعبرون كل عام الحدود الجنوبية للجزائر.
غير أن معظمهم، لا يصلون عادة، إلى العاصمة أو الساحل، بل يعملون بشكل غير قانوني في مدن الجنوب، وعندما يجمعون الأموال اللازمة، فإنهم يختارون طريقين.
العديد ينطلقون من مدينة ورقلة، في اتجاه المدينة التاريخية، غدامس،  كمحطة توقف ضرورية ضرورية لدخول ليبيا، وآخرون يتجهون لمغنية، بحثا عن طرق الوصول إلى وجدة، المغرب، ومن ثم  الوصول إلى سبتة ومليلية.

المعاملة اللاإنسانية

“بالإضافة إلى سوء المعاملة والعنصرية من السكان الجزائريين، يعاني المهاجرون الأفارقة، من قسوة معاملة الشرطة، الذين يضعوهم في شاحنات ونقلوهم عبر الحدود، مع القليل من الماء والغذاء”، تقول ناشطة محلية، لوكالة “إيفي” الإسبانية، والتي لأسباب أمنية فضلت عدم التعريف بنفسها.
وذكرت المنظمة الدولية للهجرة، ووكالة الأمم المتحدة، ذكرت أنه في يوليوز الماضي، رحل ما مجموعه 391 من المهاجرين، عبر بلدة عين غرام الحدودية، ودفع بهم إلى صحراء النيجر في ظروف محفوفة بالمخاطر، قبل أن يمكنوا من الوصول إلى النيجر.
وفي ماي الماضي، أقر وزير الداخلية الجزائري، نور الدين البدوي، بأن بلاده طردت حوالي 27000 مهاجر غير نظامي في السنوات الثلاث الماضية.
بيدوي، الذي يتهم المنظمات غير الحكومية برغبتها في تشويه صورة الجزائر، يصر، بالإضافة إلى ذلك، على أن بلاده ستحافظ على سياساتها رغم الانتقادات.
وشجبت منظمات مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش؛ في الأشهر الأخيرة “المعاملة اللاإنسانية”، التي يعامل بها النظام الجزائري المهاجرين، ومعظمهم من دول جنوب الصحراء.
وقالت هيومن رايتس ووتش في شهر يونيو: “منذ يناير، طردت الجزائر آلاف الرجال والنساء والأطفال إلى النيجر ومالي في ظروف غير إنسانية، وفي كثير من الحالات من دون النظر إلى وضعهم القانوني في الجزائر أو درجة الضعف الفردي”.

المركز الثاني في شمال إفريقيا

وطالبت المنظمة بعد ذلك بوقف الطرد التعسفي والإجباري، ووضع نظام للتخصيص العادل، والقانوني للمهاجرين في وضع غير نظامي.

وفي تقرير آخر، تم تقديمه في فبراير، أبرزت منظمة العفو الدولية، في الوقت نفسه، أن أكثر من 6500 مهاجر من دول إفريقيا، جنوب الصحراء، قد طردوا من الجزائر في العام 2017.
وبالنسبة لأولئك الذين ينوون البقاء، هناك رحلتان بحريتان رئيسيتان: واحدة من الشرق، نحو الجزر الإيطالية، وبالطبع أخرى إلى إسبانيا، هي الأقصر ولكنها الأكثر خطورة.
“الهجر إلى إسبانيا عن طريق البحر مكلفة، تبلغ حوالى 4000 يورو، وهي أكثر صعوبة بكثير”، تصريح من جزائري، لوكالة “إيفي”، قبل  أشهر، وهو على سفينة للانقاذ، بعد مغامرة هجرة بحرية، لعبور شمال إفريقيا، بدأت من ليبيا.
في السياق، وبحسب الأرقام الصادرة عن مفوضية الهجرة، احتلت الجزائر في عام 2017، المركز الثاني في شمال إفريقيا، كدولة منشأ للمهاجرين القادمين إلى إسبانيا، خلف المغرب مباشرة، إلا أنه لا يسلط عليها الإعلام، بسبب انغلاقها المريب، وصعوبة الوصول للـمعلومة، في بلد يحكمه العسكر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

17 + واحد =

زر الذهاب إلى الأعلى