عبادي يدعو الى “ثورة” بحثية في العلوم الاسلامية لمواجهة التحديات المعاصرة
الدار/ المحجوب داسع
دعا أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، خلال المجلس الأكاديمي الـ26، الذي التئمت أشغاله، مؤخرا، بالرباط، الى “ثورة” علمية وبحثية في مجال العلوم الإسلامية لمواجهة التحديات المعاصرة، من خلال بلورة “حكامة بحثية” في هذا المجال لمواجهة مختلف التحديات التي تواجه العالم الإسلامي.
وأكد عبادي أن المجتمعات الإنسانية ليست كتلة واحدة يتعامل معها كما لو كانت انسانا له أذن وله عين، أو له أذنان وعينان، وله عقل واحد يفكر به، وانما “المجتمعات عبارة عن أقسام وعن أدراج، وعن فئات، مشيرا الى أنه “هناك الأسرة، والطفولة، وهناك اليافعون، وهناك الشباب والمؤثرون من كل هذه الفئات، والمتأثرون. هناك المنظمون، والمنظمات، هناك الممونون والممونات. هناك الملهمون والملهمات بأفكارهم وبأعمالهم وبكل ما يوقعونه في هذه الدنيا. وهناك الذين يسيرون ويدبرون. وهذا التسيير والتدبير له درجات”، مما يقتضي مخاطبة كل فئة من هذه الفئات بالآليات وبالخطابات القمينة بتلبية حاجياتها والاجابة عن تساؤلاتها.
وأضاف أن الانسان عندما يرتكب جريرة عدم التدقيق في الخطاب فان خطابه سوف يذهب سدى وهدرا لأنه لن يكون خطابا كالهناء على مواضع النقد، كما يقول العلماء، وانما سوف يكون خطابا سيذهب مذهب مايستمع له وقد يدون لكن لن يكون بالتأثير المطلوب”، مستدلا بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في توقيعاته عن الله، الذي كان يكلم الطفل باللغة التي يفهمها، واليافع باللغة التي يفهمها، والشاب ذكرا كان أم أنثى باللغة التي يفهمها، والمضمون واحد”، مبرزا أن المضمون واحد ويندرج تحت مسمى “العلم” بالألف واللام. فالعلم بالألف واللام لما يطلق في كتاب الله عزوجل، ما يراد به هذه العلوم التي نعرفها وانما يراد به شيء آخر. هذا الشيء الآخر هم المقصد الأسمى لهذه العلوم. فعندما نسمع مثلا قول الله تعالى “والراسخون في العلم”، أو نسمع قول الله تعالى ” من بعدما جاءك من العلم”، أو نسمع قول الله تعالى “الذين أوتوا العلم” وغير ذلك من المواطن التي فيها العلم بالألف واللام، فان المقصود هو كيفية توظيف أنفاسك أيها الانسان فردا واجتماعا على سبيل الاحسان لنيل مرضاة الله تعالى والله يحب المحسنين”، يؤكد الامين العام للرابطة المحمدية للعلماء.
وبعد استعراضه لواقع الحال في مجال العلوم الاسلامية في الوقت الراهن، شدد أحمد عبادي على ضرورة توظيف هذه الأنفاس “العلوم الشرعية” وفق مراد الله عزوجل في اطار هذا الحيز الذي يسمى آجلا بإحسان وبإبداع، مشيرا الى أن “هذه العلوم التي نراها، والتي بلغ بها العادون 18 علم كبرى، وما يندرج تحتها من عشرات العلوم، تحت كل واحدة منها جملة من العلوم المباركة في نسج مبدع قد وفق الله عزوجل اليه هذه الأمة الى درجة أننا اليوم لا كاد نعرف ما عندنا، وما لدينا”.
وفي هذا الصدد، قال الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء اننا في واقعنا اليوم لانقوم بالحد الأدنى من المتعين ازاء هذه “الترسانة النورانية” المباركة من العلوم الاسلامية، داعيا العلماء الى حمل أمانة العلم والعلماء، والكدح المستدام، وتقويص الظهور قصد تجلية ما في هذه العلوم من خير، و هداية، وتنقيتها من “زغل العلم”، وما لاينفع، معتبرا ذلك “واجبا على الأمة بمجموعها، وعلى القادرين والقادرات، الذين من وظيفتهم ومسؤوليتهم القيام بفرض الكفاية بهذا الصدد”.
وقال عبادي ان “هذا الورش الذي نسميه “العلوم الاسلامية” الخادمة لهذا المقصد الكبير الجليل الذي هو العلم الذي يعلم الأفراد ويهدي كسبهم، والجماعات كذلك بكيفية تصريف الأنفاس بإحسان في إطار الآجال بما يرضي الله تعالى وفقه، كما بينه الله جل وعز في كتابه وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، هذا يعتبر مقياسا ننظر من خلاله لمدى خدمة هذه العلوم التي قد فرعت، و أثلت من أجل خدمة هذا المقصد الأسمى الذي هو “العلم” الذي يعرف كونه: كيفية خدمة الأنفاس باحسان، وفق ما يرضي الله في اطار الآجال التي للأفراد وللأمم”.
واعتبر الأستاذ المحاضر أن ” معرفة واقع الحال الذي يعتبر مقتضى وشرطا لازما لرسم استراتيجيات ومعالم الحكامة البحثية في العلوم الاسلامية المرجوة، أمر ضروري ولازم، من خلال معرفة العلوم التي نمتلكها، علما علما وبالتفصيل، مع اعادة رصد هذه المعالم، وهذه التعريفات، وهذه الحدود لكل هذه العلوم، فضلا عن احصاء المؤلفات الكبرى التي في هذه العلوم، متحدثا عن 5 ملايين عالم في الأمة الاسلامية، و ما لا يقل عن المئات من الآلاف من العلماء والخريجين الذين يتخرجون من مؤسسات التعليم العالي في المجتمعات المسلمة، وكذا مليون و 200 ألف أطروحة تقريبا في السنة في المجتمعات المسلمة، مشددا على أن هذا الفضل والخير يحتاج الى حسن تدبير، وحكامة واعادة توجيه نحو ما ينفع الناس في العاجل والآجل في اطار مشروع “حكامة بحثية”.