الجامعة العربية تدعم عباس وتتجنب الصدام مع ترامب
الركود الذي يخيم على الجامعة العربية يقلل من سقف الطموحات في قدرتها على تحريك الموقف الدولي لصالح القضية الفلسطينية.
مثّل الاجتماع الطارئ لوزراء خارجية الدول العربية بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبومازن) في القاهرة، السبت، موقفا سياسيا رمزيا للخروج من سجالات الإعلان الأميركي عن صفقة القرن، ومحاولة تسجيل موقف عربي يمكن البناء عليه، يدعم أبومازن ولا يصطدم مع خطة الرئيس دونالد ترامب.
وقال عباس إن الموقف الفلسطيني يستهدف منع ترسيخ خطة الولايات المتحدة التي أعلنها الرئيس ترامب كمرجعية دولية جديدة، ورفض استلام نسخة من الصفقة، لأنّ فلسطين لم تكن شريكة فيها.
وأشار الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبوالغيط، إلى أن الاجتماع وقفة تضامنية مع الفلسطينيين، حكومة وشعباً، بما يدعم الحاجة إلى موقف جماعي عربي من الطرح الأميركي.
وأعلنت الجامعة العربية “رفض صفقة القرن الأميركية – الإسرائيلية باعتبار أنها لا تلبّي الحدّ الأدنى من حقوق وطموحات الشعب الفلسطيني وتخالف مرجعيات عملية السلام المستندة الى القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة”.
وقال عباس إنه أبلغ نتنياهو أن الخطة الأميركية للسلام تمثل “نقضا لاتفاقات” أوسلو الموقعة بين الفلسطينيين وإسرائيل عام 1993.
وأضاف ساخراً أنه بناء على ذلك قرّر أن يعيد إلى إسرائيل “الهدية التي سلمتنا إيّاها في أوسلو.. مسؤولية الأكل والشرب.. والأمن.. أنا ما عندي علاقة” من الآن فصاعدا بذلك.
وأوضح عباس أنه كان قد قطع الاتصالات مع إدارة دونالد ترامب بعد اعتراف الرئيس الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل أواخر عام 2017 إلا أنه أبقى في ذلك الوقت “على العلاقات مع وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي أي إيه)” كونها تتعلق بالتعاون في “مكافحة الإرهاب”.
وكشفت مصادر دبلوماسية لـ”العرب” أن الاجتماع ناقش مسارات الحركة العربية في الفترة المقبلة، وجرى التوافق على أن تكون الجامعة العربية داعمة على المستوى المعنوي وشريكة في جميع الخطوات التي ستقدم عليها السلطة الفلسطينية، بما يعيد الدعم السياسي المباشر الذي غاب عن القضية الفلسطينية نتيجة الاهتمام بالصراعات الجارية في المنطقة العربية.
وأضافت المصادر أن الاجتماع تعامل مع البيانات المنفردة التي صدرت من عدد من الدول العربية، التي تقدر الجهد الأميركي وتدعو إلى دراسة متأنية لبنود الصفقة، على أنها لا تعني التنازل عن مبادرة السلام العربية. وتطرّق إلى إمكانية إقناع الطرف الأميركي باتجاه إدخال السلطة الفلسطينية كشريك في المفاوضات بدعم من الجامعة العربية.
وعبّرت تصريحات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، عقب لقائه الرئيس الفلسطيني، قبل بدء اجتماع الجامعة العربية، عن هذا المنطلق، مشدّدا على ثبات موقف القاهرة تجاه حل القضية الفلسطينية عبر إقامة دولة مستقلة ذات سيادة، ووفقاً للشرعية الدولية ومقرراتها.
وذكر الخبير في الشؤون الفلسطينية، طارق فهمي، أن الاجتماع استهدف البحث عن مساحات مشتركة، بعد التعّرف على المواقف العربية المتباينة من الصفقة، وتشكيل لجان لمتابعة تطورات الموقف ودراسة الرد المناسب من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن.
وأضاف لـ”العرب”، أن عباس سوف يكثف أنشطته الدبلوماسية، والموقف العربي من هذه التحركات سيدعم المطالبة بإصدار قرارات أممية ترفض الخطة الأميركية، أو المطالبة بوضع الأراضي الفلسطينية تحت “الائتمان الدولي”، وهو أحد مفردات “الانتداب الدولي” الذي يقوم على توجيه المساعدات الأممية للأراضي الفلسطينية بما يساعدها على الاستقلال بذاتها.
ومن المتوقع أن تعقد اللجنة التنفيذية لمنظمة التعاون الإسلامي في جدة، اجتماعاً طارئاً أيضاَ، الاثنين، على مستوى وزراء الخارجية، والحصول على قرارات تمضي في الطريق ذاته مع الجامعة العربية.
وتسعى السلطة الفلسطينية نحو التسلح بموقف عربي وإسلامي موحد، والذهاب إلى قمة الاتحاد الأفريقي في الـ9 من فبراير الجاري للحصول على دعم مواز، قبل التحرك نحو الاتحاد الأوروبي وحركة عدم الانحياز، ثم إلى نيويورك.
ويرى متابعون أنه من الضروري الاعتماد على مبدأ “خذ وطالب”، لأن القضية الفلسطينية أضاعت الكثير من الفرص، وأثبتت السنوات الماضية انخفاض سقف ما يمكن أن تصل إليه بمرور الزمن، ولم يعد أمام القيادة الفلسطينية سوى التعامل مع المبادرات المطروحة وتحسين الاستفادة منها.
ويقلل الركود الذي يخيم على الجامعة العربية من سقف الطموحات في قدرتها على تحريك الموقف الدولي لصالح القضية الفلسطينية، أو حتى البناء على المواقف الغربية والروسية القريبة منها، بعد أن فقدت جزءا كبيرا من حضورها السياسي في كافة الأزمات العربية.
ولفتت أستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في القاهرة، نهى بكر، إلى أن الخطة الأميركية فرضت أمراً واقعاً على الدول العربية، ويصعب وفقاً لموازين القوى غير المتكافئة إدخال تعديلات عليها، وأن التحركات تقتصر على الحلول الدبلوماسية الدولية، واللجوء إلى مجلس الأمن بعد أن خالف ترامب القرارات الدولية الصادرة بشأن القضية الفلسطينية.
وقالت في تصريح، لـ”العرب”، إن الإدارة الأميركية لم تترك شيئاً للعرب يمكن التفاوض من أجله، بعد أن أقرّت بجميع المطالب الإسرائيلية وأغفلت كل الحقوق العربية، كما أن الهدف من السلام الذي تجري محاولة طرحه عبر مبادرة السلام العربية لن يكون موجوداً، وسوف تصبح التحركات العربية غير ذات جدوى في ظل عدم وجود قدرات لتنفيذ الموقف العربي على الأرض.
المصدر: الدار- وكالات