طلحة جبريل
كنت شاركت قبل سنوات في ندوة نظمت في مدينة “آسن” في هولندا حول تأثير هجرة سكان القرى والبادية، وإنعكاسات ذلك على التعليم والبيئة. لم تكن مشاركة مباشرة بل عبر دائرة فيديو. سعى منظمو الندوة أن تكون مشاركة مباشرة وأن أزور بلادهم،التي عرفناها منذ ايام دروس مادة الجغرافية “الاراضي المنخفضة”، لكن التمنيات تختلف عن القوانين.
موضوع الهجرة من البادية.نحو المدن يقترض أن يشغل بال الجميع. هذه الهجرة تنشط خلال مواسم الجفاف وبسبب الحروب وعدم الاستقرار وندرة الخدمات. في اوآخر السبعينيات تدفق الآلاف من أهلنا في القرى والبوادي، بسبب بداية تدهور المريع ستعرفه البلاد مع نظام راح يتخبط في جميع الاتجاهات. وهكذا أضحت المدن تعاني على غرار ما يحدث في كل القارة الإفريقية من ظاهرة الأحياء العشوائية ومدن الصفيح .
ثمة “مدن” نمت وتمددت بفعل هذه الظاهرة. وعلى الرغم من ذلك كان يفترض أن تنمو نمواً طبيعياً، لكن ظاهرة الهجرة القسرية من القرى الى هذه المدن خلقت تشوهات مجتمعية بسبب الاكتظاظ السكاني في المدارات الحضرية، وتدني الخدمات، بل انعدامها في كثير من الأحيان. المؤكد أن النازحين من القرى الى المدن لا ذنب في”إستقالة الحكومة” من مهامها.
إذا كانت المدن تمثل نقطة الجذب بالنسبة لأهل البادية، فان سكانها بدورهم يفضلون قراهم، في عطلاتهم هروباً من ضجيج المدن ووتيرة حياتها الضاغطة. لكن الحالة الأولى تتعلق باستقرار، أما الحالة الثانية فهي زيارات عابرة، لربط علاقات مع الماضي الذي يسكن الذاكرة.