حصاد دون التوقعات للمصارف الإسلامية في المغرب
التجربة المغربية تتميز باعتمادها على سياسة التدرج من أجل استيعاب أفضل للمالية الإسلامية.
كشفت أحدث البيانات أن المصارف الإسلامية لم تلبّ أهداف الحكومة المغربية بعد عامين من إطلاقها، في قطاع يشهد تنافسية كبيرة مما أدى إلى إقرار خطة جديدة لمراجعة كيفية قيادة المجال.
وقال نبيل بدر، نائب مدير الإشراف البنكي، إن “إجمالي حجم التمويلات للبنوك الإسلامية بعد عامين من إطلاقها بلغ نحو 258 مليون دولار”.
وتحدث المسؤول البنكي أمام عدد من البرلمانيين عن إصدار الصكوك من طرف المصارف، موضحا أنه سيكون له دور في تعزيز إمكانيات البنوك والنوافذ التشاركية، لكن ذلك رهين باستكمال النصوص التنظيمية المتعلقة بالصكوك.
ومنذ إطلاقها في المغرب لم تحقق المصارف الإسلامية نتائج إيجابية حيث عرف مردودها نتائج عكسية واتسم نشاطها بالبطء ولم تحظ بإقبال كبير من طرف المغاربة.
ورغم انتشارها داخل المدن حيث تم افتتاح مؤسستين مصرفيتين هما بنك الصفاء وأمنية بنك، ثم افتتاح بنوك أخرى، مثل بنك اليسر وبنك التمويل والإنماء والأخضر بنك، بالإضافة إلى نافذة سند تمويل التي انطلق نشاطها العام الماضي.
وحذر خبراء منذ انطلاق التجربة من عدد من النقائص منها تداخل الوظائف بين المصارف الإسلامية في معاملات تتضمن آلية ”التسبيقات”، علاوة على ارتفاع سعر الخدمات مقارنة بالمصارف التقليدية.
وتقدم المصارف المنافسة تسهيلات مستمرة، مما جعلها أكثر رواجا ونجاعة لدى المتعاملين مقابل محدودية التحفيزات ورداءة خدمات المصارف الإسلامية.
وحاولت المصارف الإسلامية تكثيف مواردها البشرية لتدارك المنافسة الشديدة حيث رفعت عدد موظفيها من 30 موظفا عند انطلاقتها إلى نحو 519 موظفا، غير أنها لم تفلح في جلب الزبائن نظرا لعدم إدراكهم للمقاربة المستجدة حول المالية الإسلامية وما يعرف محليا بالمصارف التشاركية.
وقدر حجم تمويلات المصارف الإسلامية إلى حدود يونيو الماضي، بنحو 620 مليون دولار، مسجلا زيادة بنحو 25 في المئة مقارنة بالعام السابق، حيث قدر بحوالي 4.5 مليون دولار.
وأقر نائب مدير الإشراف البنكي أن تطوّر أداء ونمو المصارف الإسلامية يتطلب وقتا، كما يتطلب توعية مالية وتوسيع باقة المنتجات التي تطرحها هذه البنوك.
ورغم ضعف نتائجها، لم يخف بدر أمله في أن تنجح التجربة، مشيرا إلى أن الدول التي اعتمدت على الأنظمة المالية من هذا النوع جنت رهانها بعد عقود “وهو ما يعني أن تطورها في المغرب رهين التدرج”.
وقال عبدالصمد عصامي، مدير مؤسسة أمنية بنك، إن “تطلعات الزبائن تفوق إمكانيات المصارف الإسلامية حديثة العهد داخل البلد نظرا إلى عدة اعتبارات”.
وعرض عددا من العراقيل التي تحول دون تحقيق الأهداف من بينها “البيئة القانونية الفرنسية التي يطبقها المغرب، والجباية والرسوم الضريبية غير الموجودة في بلدان الخليج”، إضافة إلى وجود بنك مغربي يقدم مجموعة خدمات متطورة لا يستطيع البنك الإسلامي تحقيقها في فترة وجيزة.
واعتبر أستاذ فقه المعاملات المالية بكلية الشريعة بفاس، محمد قراط، أن المصارف الإسلامية مدعوة للخروج من طابعها التقليدي والانفتاح على إجازة الخدمات لتمويل التعليم مثل اقتناء نحو 50 مقعدا تعليميا بحوالي 21 ألف دولار وترويجها للعملات على أقساط أو بيع خدمات صحية كالعمليات الجراحية أو إصدار الصكوك كبديل عن السندات التقليدية.
وأشار بدر إلى أنه لا يمكن مقارنة تجارب البلدان الأخرى بالتجربة المغربية، نظرا لخصوصية كل منها. ويرى أن بعض البلدان سمحت للمصارف الإسلامية بطرح منتجات لم يُسمح بها في المغرب، مثل معاملة “التورّق”، وهي معاملة يلجأ بموجبها الزبون المحتاج إلى المال إلى المصرف الاسلامي لاقتناء شيء تساوي قيمته المبلغ المالي الذي يحتاجه، ثم يعيد بيعه مقابل سداد سعره بأجَل معيّن.
ولكنه استدرك مؤكدا أن التجربة المغربية في ما يتعلق بملاءمة مبادئ الشريعة الإسلامية متقدمة على غيرها من التجارب لأن المغرب استفاد من تجارب الدول الأخرى، وعمل على تفادي كل النقائص التي شابت هذا الجانب.
ولفت محمد قراط إلى أن التجربة المغربية تتميز باعتمادها على سياسة التدرج من أجل استيعاب أفضل للمالية الإسلامية، حيث أن هناك جوانب أخرى تحتاج أعواما لتطبيقها.
وشدد على ضرورة زيادة أعضاء اللجنة المكلفة بالمالية الإسلامية في بنك المغرب المركزي وتفرغهم لمهامهم وفق اختلاف تخصصاتهم. ورغم تواضع التجربة المغربية في المالية الإسلامية مقارنة بالدول الرائدة في المجال، فقد باتت مرجعا، وهو ما أشار إليه بدر، باقتياد الجزائر بالرباط.
وسبق أن زار مسؤولون من بنك الجزائر المركزي الرباط والتقوا بمسؤولي المركزي المغربي للتعرف على الإطار التنظيمي والتشريعي المنظم لعمل المصارف الإسلامية، رغم أسبقيتهم في المجال.
المصدر: الدار- وكالات