باحث سوسيولوجي يقارب الجدل المصاحب لاحتفالات رأس السنة بالمغرب
الدار/ المحجوب داسع
ككل سنة يتجدد النقاش في المغرب، حول الاحتفال برأس السنة الميلادية من عدمه، بين تيار ديني يحرم الاحتفال بهذه المناسبة، متمسكا بهويته ومرجعيته الدينية، و آخر علماني يرى في المناسبة فرصة للاستمتاع بحلول السنة الميلادية الجديدة.
بين هذين التيارين، يبرز رأي علم الاجتماع، الذي يحاول تحليل هذا الجدل من وجهة سوسيولوجية صرفة. وفي هذا الصدد، يرى خالد وديرو، الباحث في علم الاجتماع، وأنماط التفكير الاجتماعي، أن الاحتفال برأس السنة الميلادية لا يمكن اعتباره موضوعاً لنقاش جماعي في المغرب، كونه يبقى في الأخير، قضية شخصية و عائلية".
وأشار الباحث الجامعي في حديث لـ"الدار"، الى أن المغاربة المؤيدين للاحتفال بهذه المناسبة، يرون في ذلك فرصة لاقتناص لحظات ممتعة يقضونها مع العائلة أو الأصدقاء في جو من الحب والسلام والحبور، غير آبهين ما ان كان الاحتفال بهذه المناسبة يدخل في اطار المباح شرعا، أو المحرم".
وأضاف ذات المتحدث، أن الجدل المصاحب لهذه المناسبة، يجد مبرره في تركيبة المجتمع المغربي، المتسمة بـ"التعقيد" و"التركيب"، كما يذهب الى ذلك بول باسكون، في كتاباته، مما يعنيـ بحسب الباحث الجامعي، أن القيم المختلفة في المجتمع المغربي، بغض النظر عن عضويتها ومرجعيتها الدينية والثقافية والحديثة، "تتعايش في تناغم"، يمكن أن يؤدي الى نوع من الصراع أحيانا."
وأشار خالد وديرو، الى أننا نواجه في الحقيقة سوقا من القيم التي تنتجها مؤسسات التنشئة الاجتماعية بمختلف أشكالها (الأسرة، والمسجد، والمدرسة، ووسائل الإعلام …)، بشكل يجعل "تضارب قيم المغاربة يرجع بشكل رئيسي إلى عدم قدرة الدولة ومؤسساتها على اختيار النموذج المجتمعي الذي ترغب فيه"، مما يؤدي بحسب ذات المتحدث الى بروز نوع من "الخلط" و "الغموض" يتخذ شكل "صراع هوياتي بين أنصار القيم الدينية، من جهة، وأنصار قيم الحداثة من جهة ثانية".
بالنسبة الى الباحث الجامعي، فإن بروز اختلاف الآراء حول الاحتفال بالسنة الجديدة على مستوى شبكات التواصل الاجتماعي يعكس هذا "الصراع الهوياتي"، بين تيار ديني، وآخر حداثي، مبرزا أن الرأسمالية تبرز بين التيارين، كتيار سائد يحاول تفريغ هذه الاحتفالات من محتواها الديني وتحويلها إلى فرصة استهلاكية بحتة من خلال استخدام سياسات تسويقية مختلفة".
وأوضح الباحث الجامعي أن اللغط المصاحب لاحتفالات رأس السنة الميلادية في المغرب، يظل أمرا صحيا في مجتمع انتقالي حيث لاتزال الدولة غير قادرة على تحديد النموذج المجتمعي الذي تريد، فكيف بها أن تحسم الجدل هو الاحتفال برأس السنة الميلادية من عدمه".