بدء محادثات شاقة بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بشأن مرحلة ما بعد بريكست
بدأ مفاوضو التجارة البريطانيون والأوروبيون الإثنين محادثات مهمة تهدف إلى التأسيس لمرحلة ما بعد بريكست وذلك ضمن مهلة زمنية ضيقة وتباعد في المواقف بين الجانبين حيال ملفات رئيسية.
والتقى كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه ونظيره البريطاني ديفيد فروست في بروكسل لتنطلق محادثات مكثفة تستمر عدة أشهر سيشارك فيها نحو مئة مسؤول من كل طرف.
وبدأت المفاوضات بعد حوالى شهر من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ومن المتوقع أن تختتم بنهاية العام. وهي فترة زمنية ضيقة يرى البعض إنها بالكاد تكفي لإبرام اتفاق بالحد الأدنى.
وهو موعد انتهاء الفترة الانتقالية لللملكة المتحدة والتي تستمر خلالها في تجارتها مع الاتحاد الاوروبي كأي دولة اخرى في الاتحاد دون رسوم او عراقيل.
وكان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون قد استبعد تمديد الفترة الانتقالية، ويسعى الجانبان لعقد قمة بينهما في يونيو لاتخاذ قرار حول ما إذا كان من المجدي مواصلة المفاوضات.
وخيم على المفاوضات انعدام الثقة وأسابيع من تبادل الاتهامات بالتراجع عن الأهداف الطموحة التي تم الاتفاق عليها في إعلان سياسي العام الماضي.
والتفويضات التي نشرت الأسبوع الماضي تسلط الضوء على هدف الاتحاد الأوروبي ضمان “فرص متكافئة” لمنع بريطانيا من الاخلال بالمعايير الأوروبية حول العمل والضرائب والبيئة والدعم الحكومي.
من ناحيتها تصر المملكة المتحدة على وضع نظمها وقواعدها الخاصة باسم “الاستقلال الاقتصادي والسياسي”.
وأدت تلك المواقف الحادة إلى تراجع الجنيه الاسترليني بنسبة 1,3 بالمئة مقابل اليورو الإثنين، وسط مخاوف من أن التشدد البريطاني قد يلق اضرارا بالاقتصاد.
حذر الخبراء من أن الجانبين يسلكان مسارا تصادميا، مستبعدين التوصل لاتفاق من دون تنازلات كبيرة.
وعبر فابيان زوليغ، مدير مركز السياسة الأوروبية عن “تشاؤمه” إزاء النتائج، نظرا لرغبة بريطانيا الشديدة في الابتعاد عن نظم وقواعد الاتحاد الأوروبي.
وقال “من الصعب جدا معرفة أين يمكنهما التوافق كي ينجح الأمر” مضيفا إذا “أصرت الحكومة البريطانية على موقفها لن يكون هناك اتفاق”.
وفي تأكيد للتوتر حذر بارنييه بريطانيا من أن أي تراجع عن شروط اتفاق الانفصال عن الاتحاد الأوروبي سينسف محادثات التجارة.
ويقضي اتفاق بريكست بشكل خاص بمعاينة البضائع البريطانية التي تعبر البحر الإيرلندي لدخول أراضي المملكة المتحدة في إيرلندا الشمالية، والتي يقول جونسون الآن إنها غير ضرورية.
وقال زوليغ “من الواضح أنه في بداية أي مفاوضات تُتخذ بعض المواقف. الجانبان يريدان إبراز موقف قوي”.
يتوقع الخبراء أن تخرج المفاوضات على الأرجح باتفاق ينحصر بالبضائع، ولكن هذا بدوره يتطلب معاينة جمركية للسلع التي تعبر بحر المانش ويفتقر للطموح الضروري للأعمال التجارية.
لكن ملف صيد السمك — له أهمية اقتصادية ضئيلة نسبيا، لكنه بالغ الأهمية بالنسبة لبريطانيا ودول في الاتحاد مثل فرنسا وإسبانيا — يمكن أن يشكل الخلاف الأبرز وينسف إبرام اتفاق.
وأكد بارنييه أن ملف صيد السمك مرتبط “بشكل لا ينفصل” عن الاتفاق ككل. ويطالب الاتحاد الأوروبي بأن يستمر الصيادون الأوروبيون في استخدام المياه البريطانية مقابل تمكين الصيادين البريطانيين من بيع أسماكهم في أكبر أسواقهم وأقربها.
في حال عدم التوصل لاتفاق تجاري أوسع، سيشعر الجانبان بالتداعيات الاقتصادية، ولكن خصوصا في بريطانيا وإيرلندا، العضو في الاتحاد الأكثر اعتمادا على التجارة مع المملكة المتحدة.
ويقدر خبراء الاقتصاد في الامم المتحدة أنه من دون اتفاق ستخسر المملكة المتحدة سنويا عائدات صادرات تصل إلى 29 مليار يورو (32 مليار دولار). ويشتري الاتحاد الأوروبي قرابة نصف الصادرات البريطانية جميعها.
ويبدو جونسون وحكومته مستعدان كي تتحمل اوساط الأعمال التجارية البريطانية عبء عدم التوصل لاتفاق.
وقال جيل راتر من مركز الأبحاث “المملكة المتحدة في أوروبا متغيرة” لوكالة فرانس برس “ما يحير كثيرا في هذه الحكومة، وما يجعله من الصعب جدا إطلاق الأحكام، هو أن جونسون غير مستعد على ما يبدو للأخذ بالاعتبار مخاوف الأعمال التجارية”.
وحذر مسؤول في الاتحاد الأوروبي تحدث إلى وكالة فرانس برس شرط عدم الكشف عن هويته، بأن بروكسل ليس لديها خطة بديلة جاهزة.
وقال المسؤول “هناك خطة ألف، ليس هناك خطة باء. لأن الخطة باء هي تمديد المفاوضات ونعلم أن البريطانيين لا يريدون ذلك”.
المصدر: الدار ـ أ ف ب