عبادي يدعو الى الاهتمام بـ”القيم البانية” ويوصي بمرصد للأبحاث في مجال القيم
الدار/ المحجوب داسع
دعا أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، اليوم الثلاثاء بالرباط، الى التعامل مع المجتمعات كفئات ومكونات لها مميزات وانتظارات مختلفة، عوض النظر اليها كـ”تكتلات”، مشيرا الى أن ” المجتمعات المعاصرة في اطار “المصفوفات الرقمية” تعرف تغييرات جوهرية في القيم والسلوكيات، وأنماط التفكير والتصرف”.
وشدد أحمد عبادي، خلال الاجتماع الذي خصصته اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، برئاسة شكيب بنموسى، للاستماع الى ثلاثة من أقطاب الفكر في المغرب: أحمد عبادي، الباحث نورالدين أفاية والمؤرخ عبدالمجيد قدوري، على أهمية التعجيل بإعداد دراسة قصد انشاء مرصد للأبحاث لرصد وتتبع القيم البانية والسلبية، و ايلاء الاهتمام اللازم للأدب الموجه لطفولة اليوم، من خلال بلورة مضامين إعلامية ورقمية، وقصصية وألعاب فيديو ملهمة، حاملة للقيم البانية، ومواكبة لهذه التغيرات على مستوى القيم والسلوك، ومستحضرة للمصفوفات الرقمية المعاصرة، علاوة على مواكبة المدرسين بالتكوين اللازم.
وأكد الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، على ضرورة التأسيس لـ”حكامة بحثية” في الجامعات المغربية، من خلال توجيه البحوث المنجزة في العلوم الاجتماعية والإنسانية للاستجابة للقضايا الحارقة، والاشكاليات المجتمعية التي نواجهها اليوم، لتصبح لهذه البحوث أدوار “وظيفية” عوض تضييع الوقت والجهد.
وأوضح أحمد عبادي في هذا الصدد، أن ” الاهتمام بالبحوث المنجزة في الجامعات المغربية بمراحلها الثلاث) إجازة، ماستر، دكتوراه، أمر جوهري، حتى تكون موجهة بشكل وظيفي لرصد هذه التحولات في القيم والسلوكيات”، مشيرا الى أن ” كل سنة هناك حوالي 40 ألف أطروحة موزعة بين الاجازة الماستر والدكتوراه، بمعنى 40 ألف عام التي يجب توظيفها لرصد الإشكاليات العويصة في المجتمع”، وهو مايحتم علينا “ترشيد ترشيد الأبحاث في مجال القيم، تحت اشراف مراكز بحوث وظفي تستجيب لحاجيات مجتمعاتنا”.
وأكد ذات المتحدث، على ضرورة إيلاء الاهتمام اللازم في اطار النموذج التنموي الجديد، للتغيرات التي تعرفها منظومتي القيم والسلوكيات في المجتمع المغربي”، مشيرا الى أن قطب الرحى في هذه المتغيرات هو “القيم”، مبرازا أن ” القوانين تستمد من القيم وتصبح حامية لها، ولايمكن فهم واستيعاب القوانين دون معرفة عميقة بالقيم، كما أن السلوكيات مستمدة من التصورات والقيم والقوانين التي تبين الجائز والممنوع، لكن تظل القيم محورية في هذا النسق”.
الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، اعتبر أن “السلوكيات في العالم المعاصر، أضحت تتأثر بمؤثرات خارجية، مقارنة بالماضي، بحكم بروز “المصفوفات الرقمية المعاصرة”، وما أفرزته من أنماط تفكير، وسلوك جديدة، بسبب انتشار “مؤثرين” في فضاءات وشبكات التواصل الاجتماعي، أضحى لهم أتباع ومعجبين، وهو ما أثمر طرائق ولغات تواصل جديدة، و كذا أنماط تفكير وتصرف” يتعين الاهتمام بها، وأخذها بعين الاعتبار”.
أحمد عبادي، أوضح أن “مؤسسة الأسرة” شملتها تغيرات مهمة في الوقت الرهن، اذ انتقلنا في المجتمع المغربي من “الأسرة الممتدة” الى “الأسرة النووية”، لترافقها تغيرات جمة، من قبيل أن الوقت الذي يستثمره الأبوين من الناحية المعنوية في الأسرة، لايتجاوز في أغلب الحالات 12 الى 13 في المائة، فيما يخصص الوقت الباقي للراحة والكسب من أجل اعالة الأسرة”، وهو ما ترك الأبناء عرضة لقيم وسلوكيات جديدة مستمدة من شبكات ووسائل التواصل الاجتماعي”.
التغيرات على مستوى بنية الأسرة في المجتمع المغربي، يضيف أحمد عبادي، نلمسه، أيضا، في افتقاد أغلب المقبلين على مؤسسة الزواج، الى مؤهلات وتكوين قبلي حول واجبات وحقوق الأسر، فبدأت أدوار الأسرة في المواكبة والمرافقة تتلاشى، وارتفعت نسبة الطلاق، والذي يعزى في جانب منه الى تراجع أدوار “الأسرة الممتدة” في مواكبة الأنباء، و الرعاية التأهيلية للمقبلين على الزواج، وكذا افتقاد الأسر للقيم التي ستبنيها ومنهج البناء، ليصبح دور الوالدين مقتصرا على الكسب والاعانة المادية” دون أن يصل الى المواكبة والمرافقة والتأهيل”.
وضمن هذه التغيرات التي عرفتها المؤسسات البانية في المجتمع المغربي، قال أحمد عبادي، ان “مؤسسة المدرسة”، عرفت بدورها تغييرات كبيرة، اذ تراجع دور المدرس كمصدر للمعلومة، و حل محله “الويب”، وما نتج عنه من تراجع الاحترام تجاه المدرس، وخفوت صورته لدى التلاميذ”.
وضمن جلسة اليوم الثلاثاء، تم الاستماع، أيضا الى كل من الباحث نورالدين أفاية والمؤرخ عبدالمجيد قدوري، وانصبت مداخلاتهم على رصد التغيرات الجوهرية في منظومة القيم والسلوكيات في المجتمع المغربي، وأهمية أخذها بعين الاعتبار في النموذج التنموي الجديد.