الحكومة الفرنسية تحقق نصرا كبيرا على طريق إقرار إصلاح أنظمة التقاعد
فازت الحكومة الفرنسية بمعركتها البرلمانية الأولى الأربعاء على طريق إصلاح أنظمة التقاعد إثر إقرار أعضاء الجمعية الوطنية هذا المشروع، في محطة مفصلية أساسية لهذا الإصلاح الذي يثير حركة احتجاجية واسعة أدت إلى فوضى عارمة بفعل إضراب العاملين في قطاع النقل لأسابيع.
وقد أُقر المشروع الإصلاحي الأكثر طموحا حتى اليوم للرئيس إيمانويل ماكرون في الجمعية الوطنية بعيد منتصف ليل الثلاثاء الأربعاء، بعدما ردت الغالبية الرئاسية طعنين قدمتهما المعارضة في هذا المشروع.
ووصفت الاتحادات النقابية والأحزاب المعارضة هذه الخطوة بأنها غير ديموقراطية، لكن دعوات هذه القوى لتسيير تظاهرات جديدة ضد المشروع الإصلاحي الذي أشعل إضرابات شلت وسائل النقل العام في فرنسا لأسابيع طويلة هذا الشتاء، لم تلق صدى واسعا في الشارع.
وسيخضع المشروع الإصلاحي في محطته اللاحقة لاختبار مجلس الشيوخ حيث سيواجه أيضا سيلا من المطالبات بإدخال تعديلات على هذا الإصلاح بغية تأخير نفاذه، قبل الانتقال إلى المرحلة الأخيرة وهي الحصول على الموافقة النهائية من الجمعية الوطنية قبل الصيف.
ويقول منتقدو المشروع الإصلاحي إن اعتماد إصلاح موحد قائم على نظام النقاط سيرغم ملايين الأشخاص على العمل بعد سن التقاعد الرسمية المحددة عند 62 عاما تحت طائلة تراجع مخصصاتهم التقاعدية.
أما الحكومة فتؤكد أن الاستغناء عن أنظمة التقاعد المستقلة الـ42 المعمول بها في فرنسا والتي تقدم إمكانية التقاعد المبكر ومنافع أخرى للعاملين في القطاع العام، سيكون منصفا أكثر كما سيضع حدا للعجز الذي تتكبده الدولة الفرنسية منذ سنوات.
وأشاد رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب بهذا النص التشريعي واصفا إياه بأنه انتصار “للعدالة الاجتماعية”. وقال إن “أولئك الذين يدافعون عن استمرار الوضع القائم… يدلون في أحيان كثيرة بمواقف عبثية”.
غير أن المعارضة تعهدت المضي قدما في تحركاتها لإسقاط المشروع، داعية الناخبين إلى معاقبة حزب ماكرون الرئاسي (الجمهورية إلى الأمام) في الانتخابات البلدية الفرنسية التي تنطلق في 15 مارس الجاري.
وكتب النائب عن حزب “فرنسا الأبية” اليساري المتطرف إريك كوكريل عبر تويتر إن “العقاب سيكون عبر صناديق الاقتراع. هذا القانون المقيت لن يمر”.
في حال إقراره، سيطاول إصلاح الأنظمة التقاعدية المذكور بصورة تدريجية الأشخاص المولودين اعتبارا من سنة 1975 لكنه لن يمس بالمخصصات التقاعدية للأشخاص الذين يناهزون حاليا سن التقاعد.
ويُعد الإصلاح المقترح من ماكرون الأكثر تقدما بين سلسلة مشاريع إصلاحية تقدمت بها الحكومات المتعاقبة من اليمين واليسار على السواء في إطار المساعي لإنهاء العجز المستمر في الميزانية جراء ازدياد النفقات التقاعدية في البلاد بموازاة ارتفاع معدلات الأعمار.
وأشار تقرير أصدرته لجنة حكومية العام الماضي إلى أن العجز قد يبلغ 17 مليار دولار بحلول 2025 في حال عدم اتخاذ أي خطوات لتغيير هذا المنحى.
ولا تزال تفاصيل عدة غامضة في الإصلاح بما يشمل تحديد قيمة كل نقطة في هذا النظام لدى انتقال الأشخاص المعنيين إلى مرحلة التقاعد.
ولا يزال كثر يبدون تشكيكا بالنظام الجديد، إذ بيّن استطلاع للرأي نشر نتائجه معهد “إيفوب” في 13 فبراير أن 56 % من الأشخاص المستطلعة آراؤهم يعارضون اعتماد نظام قائم على النقاط.
وتعهدت الحكومة إجراء مفاوضات مع الاتحادات النقابية بشأن كيفية تمويل النظام الجديد، لكنها حذرت من أنه في حال عدم التوصل إلى اتفاق فسيتعين على الفرنسيين العمل إلى ما بعد سن 62 عاما، وهو من أدنى الأعمار التقاعدية في الاتحاد الأوروبي.
المصدر: الدار ـ أ ف ب