بائعو الكتب في بغداد: لن نسمح لفيروس كورونا أن يوقف نشاطنا
بعد اكتسابهم خبرة كبيرة في أعمالهم كانت وراء استمرارها تحت أعين الرقابة الصارمة خلال عهد صدام حسين، وفي سنوات العنف التي تلت الإطاحة به، لا يشعر الناشرون وبائعو الكتب في العاصمة العراقية بقلق شديد من احتمال أن يتسبب فيروس كورونا المستجد في وقف نشاطهم.
فقد نصحت السلطات العراقية المواطنين بتفادي التجمعات العامة وأمرت بإغلاق المقاهي مع ارتفاع عدد حالات الإصابة بالفيروس في البلاد إلى 67 حالة، يتحمل مسافرون قدموا من إيران المسؤولية عن معظمها.
ومع ذلك لا يزال بائعو الكتب في شارع المتنبي، على ضفاف نهر دجلة، يستقبلون زبائنهم القادمين لشراء كتب ومناقشة الوضع السياسي كما هو معتاد.
وأُلغيت بالفعل بعض الأحداث الثقافية لكن الكتاب والموسيقيين والرسامين ما زالوا يتدفقون على المنطقة يوم الجمعة من كل أسبوع، ويجتمعون قرب تمثال الشاعر المتنبي، الذي يحمل الشارع الثقافي اسمه.
وخفت أعداد المترددين على شارع المتنبي بسبب فيروس كورونا والاحتجاجات العنيفة المستمرة منذ شهور ضد الحكومة، لكن البقاء في البيت ليس خيارًا لعشاق الكتب حتى لو تطلب الأمر استخدام كمامة طبية.
وقال جواد البيضاني، وهو أستاذ جامعي اشترى أربعة كتب أكاديمية، ”أجيء إلى هنا كل يوم جمعة منذ كنت طالبًا في الثمانينيات“.
وأضاف ”هو المرض (فيروس كورونا) خطير وفتاك. ولكن لا يغني ذلك أو لا يمنعنا من الجلوس في شارع المتنبي، لأن هي هاي الفسحة الزمنية، الساعة أو الساعتين اللي نجلس بها هنا، نشوف أصدقاء نقدر نتحاور وياهم بلغة الثقافة“.
ويعتبر سوق الكتب في شارع المتنبي مقياسًا للحياة الفكرية في العراق، وتجلب خلاله الكتب في عربات تدفع باليد من مكتبات في المباني القريبة لتعرض على طاولات بالشارع.
ويتلخص وضع بغداد في الساحة الأدبية العربية في مقولة ”القاهرة تكتب، وبيروت تطبع، وبغداد تقرأ“.
وكانت خيارات الكتب المتاحة محدودة في عهد صدام الذي كان يحظر أي شيء حساس. وعقب سقوطه انتعشت الأدبيات السياسية والدينية في البلاد، لكن الأذواق تتغير حيث يفقد العراقيون الثقة في نظام سياسي يراه كثيرون فاسدًا.
ويقول بائع الكتب حمزة أبو سارة ”الكتب السياسية الإقبال قليل عليها. سؤال: ما السبب؟. مو مثل قبل، قبل كان مثلًا ماكو (لا يوجد) هذا الإعلام القوي مثلًا إنترنت وأقمار صناعية، فياخد معلومة من الكتاب السياسي، هسا الأخبار منتشرة بسهولة، فتحصل معلومات سياسية، فما ياخدها من الكتاب“.
ويوضح أبو سارة؛ أن الناس يشترون الآن مزيدًا من الكتب التي يرون أنها تساعدهم ليكونوا إيجابيين أو الروايات.
وعلى الرغم من الضعف الشديد في المبيعات بسبب الأزمة الاقتصادية، فإن سارة البياتي، الناشرة الأنثى الوحيدة في سوق الكتب ببغداد، لا تفكر في إغلاق مكتبتها.
وقالت سارة في المكتبة التي تعرض فيها إصداراتها وأعمالًا مترجمة إن الأمور تسير بشكل مقبول.
وتوضح سارة أن دار النشر التي تملكها تحقق حلمها لأن أُسرتها لم تسمح لها بأن تدرس الصحافة في الجامعة، معتبرة أنها مهنة محفوفة بالمخاطر في العراق المضطرب.
ورغم أنها حصلت على درجة جامعية في الهندسة، فإن سارة قررت تأسيس دار نشر موضحة أنها ”ببساطة“ تحب الكتب.
وقالت ”كل يوم جمعة كنت آتي إلى هنا لعرض الكتب في كشك صغير. بعد ذلك أصبح حلمي أكبر، لذلك قررت أن أكون مستقلة في عملي وأصبحت أول مالكة لدار نشر في العراق تديرها امرأة“.