يبدو أن تكتيكات الصين تهدف إلى صناعة صورة للاستهلاك المحلي والعالمي بأنها دولة قوية ومحسنة، وفي الوقت نفسه ، تسعى لمسح صورتها السيئة في ووهان التي سهلت انتشار الفيروس بدلاً من احتوائه.
هذا ما خلص إليه الباحث في مركز “سكوكروفت” للاستراتيجية والأمن في مجلس المحيط الأطلسي “روبرت أ. مانينغ” في مقال رأي نشر في صحيفة “ذو هيل” الأمريكية.
وعدّد الباحث أمثلة عدة على سعي الصين لتغيير صورتها لدى العالم بعدما حاصرتها التهم بتساهلها في احتواء الوباء ومسؤوليتها في تصديره إلى جميع أرجاء العالم بسبب سياسة الحزب الشيوعي.
أحد الأمثلة على ذلك هو حين تلقى “روجر روث”، رئيس مجلس الشيوخ في ولاية ويسكونسن ، رسائل بريد إلكتروني من القنصلية الصينية في “شيكاغو” تحضه على تمرير تشريع يشيد برد الصين على الفيروس .
وكانت النتيجة عكس ما سعت إليه الصين بالضبط، إذ اعتمد مجلس الشيوخ بالولاية قرارا جاء فيه أن المجلس يتضامن مع الشعب الصيني ويدين تصرفات الحزب الشيوعي بأشد العبارات الممكنة.
وفي جميع أنحاء أوروبا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية ، وكذلك الولايات المتحدة ، تسعى بكين إلى إعادة كتابة الرواية حول دور الصين في الوباء بإبراز قدرتها على تقليل الوفيات بووهان بنسبة 50 في المائة .
واعتمدت سياسة بكين، حسب كاتب المقال، على نشر نظريات المؤامرة المفتعلة على وسائل التواصل الاجتماعي والضغط على الصحف لنشر مقالات رأي جديرة بالثناء على المسؤولين الصينيين .
ولكن في الأسابيع الأخيرة ، بدأ تصاعد الغضب والاستياء ردا على “دبلوماسية الأقنعة” التي باشرتها الصين وأفضت إلى نتيجة عكسية .
واستشهد الكاتب بما جرى في بريطانيا، هذه الأخيرة دفعت للصين 20 مليون دولار مقابل مجموعات اختبار الفيروس غير أنها كانت غير صالحة.
ولفت إلى ما كتبه مجموعة من السفراء الأفارقة في بكين في رسالة إلى وزير الخارجية الصيني يشكون فيها من إجلاء الأفارقة في الصين وحرمانهم من الخدمة وارغامهم على الحجر الصحي وإجراء اختبارات لهم .
حتى أن المسؤولين في الهند ونيجيريا، وفق الكاتب، شككوا في نجاح الصين في ادارة الأزمة مثلما حدث في الولايات المتحدة حيث ألقت الإدارة والكونغرس اللوم على الصين .
وتساءل “روبرت أ. مانينغ” عما إذا كانت المساعدات الطبية الصينية لمعظم دول العالم تعزز صورة بكين كدولة خيّرة ويضعها في مكان الولايات المتحدة المتعثرة و المتطلعة إلى الداخل
عن هذا، قال الكاتب إنه لا شك في أن بعض المستفيدين في البلدان المتلقية ممتنون لبكين، لكن التأثير في معظم أنحاء العالم يبدو أنه يزيد من الشك والريبة حول نوايا الصين.
ذلك أن الشفافية هي شرط أساسي للتعاون الدولي الذي يروج له الرئيس الصيني “شي جين بينغ” وكان هذا الشرط غائبا حتى الآن، إذ تفيد تقارير بأن الصين تتستر عن العدد الحقيقي لضحايا فيروس كورونا.
ومن منظور صاحب المقال فإن قصة الفيروس مازالت تتكشف، وعندما ينجلي الضباب ، فإن تستر الصين عن أعداد الضحايا الحقيقي قد يثير غضب العالم.
وعلى المستوى الداخلي،كانت شرعية الحزب الشيوعي قائمة على الأداء، لكن مع تدهور الاقتصاد ووقوع ضحايا الفيروس، فإن الحزب أصبح متهما بفشله في عدم الحفاظ على الاقتصاد وعلى سلامة الصينيين .
المصدر: الدار ـ وكالات